ويقال أبو مسيس، واسمه موسى. وهذا الدّير تحت البلينا، وهو دير كبير (١).
وأبو مسيس هذا كان راهبا من أهل البلينا، وله عندهم شهرة، وهم ينذرونه، فيزعمون فيه مزاعم.
ولم يبق بعد هذا (a) إلاّ أديرة بحاجر إسنا ونقّادة قليلة العمارة. وكان بأصفون «دير كبير»، وكانت أصفون من أحسن بلاد مصر، وأكثر نواحي الصّعيد فواكه، وكان رهبان ديرها معروفين بالعلم والمهارة فيه (b)، فخربت أصفون، وخرب ديرها.
وهذا آخر أديرة الصّعيد، وهي كلّها متلاشية آيلة إلى الدّثور، بعد كثرة عمارتها، ووفور أعداد رهبانها وسعة أرزاقهم، وكثرة ما كان يحمل إليهم.
وأمّا الوجه البحري
فكان فيه أديرة كثيرة خربت، وبقي منها بقيّة. فكان بالمقس - خارج القاهرة من بحريها - عدّة كنائس هدمها الحاكم بأمر اللّه أبو عليّ منصور، في تاسع عشر ذي الحجّة سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، وأباح ما كان فيها، فنهب منها شيء كثير جدّا بعد ما أمر، في شهر ربيع الأوّل منها، بهدم كنائس راشدة خارج مدينة مصر من شرقيها، وجعل موضعها الجامع المعروف براشدة (٢).
وهدم أيضا في سنة أربع وتسعين كنيستين هناك، وألزم النصارى بلبس السّواد وشدّ الزّنّار، وقبض على الأملاك التي كانت محبّسة على الكنائس والأديرة، وجعلها في ديوان السّلطان، وأحرق عدّة كثيرة من الصّلبان، ومنع النصارى من إظهار زينة الكنائس في عيد الشّعانين،
(a) بولاق: هذا الدّير. (b) ساقطة من بولاق. (١) أبو المكارم: تاريخ ١٠٦: ٢ - ١٠٧؛ ساويرس بن المقفع: تاريخ بطاركة الكنيسة ١٨٩: ٣/ ٢ - ١٩٠؛ الأنبا صموئيل: دليل الكنائس ١٩١. وتقع البقايا الأثرية لهذا الدّير على مساحة كيلومترين شمال معبد أبيدوس بالعرابة المدفونة بمحافظة سوهاج. (٢) فيما تقدم ١٢٦ - ١٢٩.