بركة السّتّ الجليلة خوند، أمّ الملك الأشرف شعبان بن حسين (١).
كانت أمة مولّدة، فلمّا أقيم ابنها في مملكة مصر، عظم شأنها، وحجّت في سنة سبعين وسبع مائة بتجمّل كثير وبذخ (a) زائد، وعلى محفّتها العصائب السّلطانية والكوسات تدقّ معها. وسار في خدمتها من الأمراء المقدّمين: بشتاك العمري رأس نوبة، وبهادر الجمالي، ومائة مملوك من المماليك السّلطانية أرباب الوظائف. ومن جملة ما كان معها قطار جمال محمّلة محائر، قد زرع فيها البقل والخضراوات إلى غير ذلك ممّا يجلّ وصفه (٢).
فلمّا عادت في سنة إحدى وسبعين وسبع مائة، خرج السّلطان بعساكره إلى لقائها، وسار إلى البويب في سادس عشر المحرّم. وتزوّجت بالأمير الكبير ألجاي اليوسفي وبها طال واستطال.
ماتت في (b) يوم (b) ثاني عشرين ذي القعدة سنة أربع وسبعين وسبع مائة.
وكانت خيّرة عفيفة، لها برّ كثير ومعروف معروف، تحدّث الناس بحجّتها عدّة سنين لما كان لها من الأفعال الجميلة في تلك المشاهد الكريمة، وكان لها اعتقاد في أهل الخير، ومحبّة في الصّالحين، وقبرها موجود بقبّة هذه المدرسة. وأسف السّلطان على فقدها، ووجد وجدا كثيرا لكثرة حبّه لها.
واتّفق أنّها لمّا ماتت أنشد الأديب شهاب الدّين أحمد بن يحيى الأعرج السّعدي:
[الكامل]
في ثاني العشرين من ذي قعدة (٣) … كانت صبيحة موت أمّ الأشرف
فاللّه يرحمها ويعظم أجره … ويكون في عاشورا موت اليوسفي
(a) بولاق: برج. (b) (b-b) ساقطة من بولاق. - ورغم أنّ هذا النصّ وغيره من النصوص الموجودة في أنحاء المدرسة تشير إلى أنّ الأشرف شعبان قد أنشأها لوالدته، فالأرجح - تبعا لرواية المقريزي ونظرا لصغر سنّ السّلطان أنّ والدته هي المنشئة لها وكتبت اسمه عليها. (١) راجع ترجمة السّيّدة خوند بركة وأخبارها عند، المقريزي: السلوك ٢١٠: ٣؛ ابن حجر: إنباء الغمر ٤١: ١، الدرر الكامنة ٦: ٢ - ٧؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٥٨: ١١ - ٥٩، ١٢٥، المنهل الصافي ٣٥٥: ٣ - ٣٥٧؛ ابن إياس: بدائع الزهور ١١٤: ٢/ ١ - ١١٥. (٢) المصادر المذكورة في الهامش السابق وأضف إليها، الجزيري: درر الفرائد المنظمة ١٩٠٨: ٢؛ Behrens- Abouseif، D.، «The Mahmal Legend and the Pilgrimage of the Ladies of the Mamluk Court»، MSR I (١٩٩٧)، pp. ٨٧ - ٩٦. (٣) في السلوك ٢١١: ٣، والنجوم الزاهرة ٦٠: ١١: في مستهل العشر من ذي الحجة.