سنة أربع وأربعين وسبع مائة، وكان ذلك آخر العهد به، فاستقرّ (a) بعده في النّيابة الحاج آل ملك. ثم أفرج عن بيغرا وأولاجا وقراجا في شهر رمضان سنة خمس وأربعين وسبع مائة.
[جامع آل ملك]
هذا الجامع في الحسينيّة خارج باب النّصر، أنشأه الأمير سيف الدّين الحاج آل ملك، وكمل وأقيمت فيه الخطبة يوم الجمعة تاسع جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة، وهو من الجوامع المليحة، وكانت خطّته عامرة بالمساكن وقد خربت (١).
آل ملك الأمير وسيف الدّين
الأمير سيف الدّين، أصله ممّا أخذ في أيّام الملك الظّاهر من كسب الأبلستين، لمّا دخل إلى بلاد الرّوم في سنة ستّ وسبعين وستّ مائة، وصار إلى الأمير سيف الدّين قلاوون وهو أمير قبل سلطنته، فأعطاه لابنه الأمير عليّ. وما زال يترقّى في الخدم إلى أن صار من كبار الأمراء المشايخ رءوس المشورة في أيّام الملك النّاصر محمد بن قلاوون (٢).
وكان لمّا خلع النّاصر وتسلطن بيبرس يتردّد بينهما من مصر إلى الكرك، فأعجب النّاصر عقله وتأنّيه، وسيّر من الكرك يقول للمظفّر: لا يعود يجيء إليّ رسولا غير هذا؛ فلمّا قدم النّاصر إلى مصر عظّمه، ولم يزل كبيرا موقّرا مبجّلا. فلمّا ولي النّاصر أحمد السّلطنة أخرجه إلى نيابة حماه، فأقام بها إلى أن تولّى الصّالح إسماعيل فأقدمه إلى مصر، وأقام بها على حاله إلى أن أمسك الأمير آق سنقر السّلاري نائب السّلطنة بديار مصر، فولاّه النّيابة مكانه، فشدّد في الخمر إلى الغاية وحدّ شاربها، وهدم خزانة البنود وأراق خمورها، وبنى بها مسجدا
(a) بولاق: واستقرّ. (١) زال كلّ أثر لهذا الجامع الآن، وأقيم على أرضه مدافن خارج باب النّصر. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٠٨: ٩ هـ ٣؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٤٩٩: ١/ ١). (٢) انظر كذلك، الصفدي: أعيان العصر ٦١٨: ١ - ٦٢٠، الوافي بالوفيات ٣٧٢: ٩ - ٣٧٣؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ٨٢: ٣ - ٨٣؛ المقريزي: السلوك ٧٢٣: ٢، ٣٣: ٣، المقفى الكبير ٢٩٤: ٢ - ٢٩٧، مسودة المواعظ ١٤٥ - ١٤٨؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٤٣٩: ١ - ٤٤٠؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ١٧٥: ١٠، المنهل الصافي ٢٥٧: ٦ - ٢٦٢.