للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقصد من أدركناه من ملوك مصر حفر هذا الخليج غير مرّة، فلم يتهيّأ ذلك، إلى أن كانت سلطنة الملك الأشرف برسباي، فندب لحفره الأمير جرباش الكريميّ، المعروف بقاشق (a)؛ فتوجّه إليه، وجمع له من قدر عليه من رجال النّواحي، فبلغت عدّتهم ثمان مائة وخمسة وسبعين رجلا، ابتدأوا في حفره من حادي عشر جمادى الأولى سنة ستّ وعشرين وثمان مائة إلى حادي عشر شعبان لتمام تسعين يوما، فانتهى عملهم (١).

ومشى الماء في الخليج حتى انتهى إلى حدّه من مدينة الإسكندرية، وجرت فيه السّفن، فسرّ الناس به سرورا كبيرا (٢).

وحسب (b) ما أنفق على العمّال في الحفر من أرباب النّواحي التي على الخليج، ومن أرباب البساتين بالإسكندرية، ولم يكن في حفره كبير شناعة، ممّا جرت به عادة الولاة في مثل ذلك، وللّه الحمد. وعندما انتهى قدم الأمير جرباش إلى قلعة الجبل، فخلع السّلطان عليه وشكره، ثم عمله حاجب الحجّاب (٣)، فلم يستمرّ ذلك إلاّ قليلا حتى انطمّ بالرّمل، وتعذّر سلوك الخليج بالمراكب إلاّ في أيّام النّيل فقط.

[ذكر جمل حوادث الإسكندرية]

وفي سنة تسع وتسعين ومائة، عظمت الحروب بديار مصر بين المطّلب بن عبد اللّه الخزاعي أمير مصر، وبين عبد العزيز بن الوزير الجروي الثّائر بتنّيس، فعقد المطّلب على الإسكندرية لمحمد ابن هبيرة بن هاشم بن حديج، فاستخلف محمد خاله عمر بن عبد الملك بن محمد بن عبد الرّحمن بن معاوية بن حديج - الذي يقال له عمر بن ملال (c) - ثم عزله المطّلب بعد ثلاثة أشهر بأخيه الفضل بن عبد اللّه بن مالك.


(a) عند العيني: سرماش قاشوق.
(b) وجبي.
(c) في النسخ: ملاك.
(١) ابن إياس: بدائع الزهور ٨٧: ٢.
(٢) السيد عبد العزيز سالم: تاريخ الإسكندرية ٣٩٢ - ٣٩٣.
(٣) قارن، العيني: عقد الجمان (تحقيق القرموط) ١٩٤؛ المقريزي: السلوك ٦٣٩: ٤؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٤٥: ١٤؛ الصيرفي: نزهة النفوس ١٩: ٣؛ السخاوي: الضوء اللامع ٢٧٠: ٣.