قال: فلمّا مات لطّخوه بمرّ وصبر، وجعلوه في تابوت من ساج، فكانوا يفعلون به ذلك أربعين يوما، حتى كلّم يوسف فرعون فأعلمه أنّ أباه قد مات، وأنّه سأله أن يقبره في أرض كنعان، فأذن له، وخرج معه أشراف أهل مصر حتى دفنه وانصرف.
وقيل: قبر يعقوب بمصر فأقام بها نحوا من ثلاث سنين، ثم حمل إلى بيت المقدس، وأوصاهم بذلك عند موته (١).
قال: ثم مات الرّيّان بن الوليد، فملكهم من بعده ابنه دارم بن الرّيّان. وفي زمانه توفّي يوسف ﵇ فلمّا حضرته الوفاة قال: إنّكم ستخرجون من أرض مصر إلى أرض آبائكم، فاحملوا عظامي معكم. فمات فجعلوه في تابوت ودفنوه في أحد جانبي النّيل، فأخصب الجانب الذي كان فيه وأجدب الجانب الآخر، فحوّلوه إلى الجانب الآخر فأخصب الجانب الذي حوّلوه إليه وأجدب الآخر. فلمّا رأوا ذلك، جمعوا عظامه فجعلوها في صندوق من حديد، وجعلوا فيه سلسلة، وأقاموا عمودا على شاطئ النّيل، وجعلوا في أصله سكّة من حديد، وجعلوا السّلسلة في السّكّة، وألقوا الصّندوق في وسط النّيل، فأخصب الجانبان جميعا (٢).
وكان سبب حمل عظام يوسف من مصر إلى الشّام، أنّ سارح (a) ابنة أشر بن يعقوب عمّرت حتى صارت عجوزا كبيرة ذاهبة البصر، فلمّا سرى موسى ﵇ ببني إسرائيل غشيتهم ضبابة حالت بينهم وبين الطّريق أن يبصروه، وقيل لموسى: لن تعبر إلاّ ومعك عظام يوسف؛ قال: ومن يدري أين/ موضعها؟ قالوا: عجوز كبيرة ذاهبة البصر تركناها في الدّيار، فرجع موسى، فلمّا سمعت حسّه، قالت: ما ردّك؟ قال: أمرت أن أحمل عظام يوسف، قالت: ما كنتم لتعبروا إلاّ وأنا معكم، قال: دلّيني على عظام يوسف، فدلّته عليها، فأخذ عظام يوسف معه إلى التّيه.
[يوسف بن يعقوب]
بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن، صلوات اللّه عليهم، أحد الأسباط الاثني عشر، ولد بأرض كنعان من بلاد الشّام، ورأى الأحد عشر كوكبا والشّمس والقمر له ساجدين، وعمره سبع عشرة سنة.
(a) بولاق: سارة. (١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٧ - ١٨. (٢) نفسه ١٨ - ١٩.