للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر ظواهر القاهرة المعزّية

اعلم أنّ القاهرة المعزّيّة يحصرها أربع جهات وهي: الجهة الشّرقيّة، والجهة الغربيّة، والجهة الشّمالية التي تسمّيها أهل مصر البحريّة، والجهة الجنوبية التي تعرف في أرض مصر بالقبليّة (١).

فأمّا «الجهة الشّرقيّة» فإنّها من سور القاهرة/ الذي فيه الآن باب البرقيّة والباب الجديد والباب المحروق، وتنتهي هذه الجهة إلى الجبل المقطّم.

وأمّا «الجهة الغربيّة» فإنّها من سور القاهرة الذي فيه باب القنطرة وباب الخوخة وباب سعادة، وتنتهي هذه الجهة إلى شاطئ النّيل.

وأمّا «الجهة القبليّة» فإنّها من سور القاهرة الذي فيه باب زويلة، وتنتهي هذه الجهة إلى حدّ مدينة مصر.

وأمّا «الجهة البحريّة» فإنّها من سور القاهرة الذي فيه باب النّصر وباب الفتوح، وتنتهي هذه الجهة إلى بركة الجبّ التي تعرف اليوم ببركة الحجّاج (a).

وقد كانت الجهة الشّرقيّة، عندما وضعت القاهرة، فضاء فيما بين السّور وبين الجبل لا بنيان فيه ألبتّة، وما زال على هذا إلى أن كانت الدّولة التركية، فقيل لهذا الفضاء «الميدان الأسود» و «ميدان القبق» - وسيرد ذكر هذا الميدان إن شاء اللّه تعالى (٢) - فلمّا كانت سلطنة الملك النّاصر محمد بن قلاوون، عمل هذا الميدان مقبرة لأموات المسلمين، وبنيت فيه التّرب الموجودة الآن كما ذكر عند ذكر المقابر من هذا الكتاب (٣).

وكانت الجهة الغربيّة تنقسم قسمين: أحدهما برّ الخليج الشّرقي، والآخر برّ الخليج الغربي. فأمّا «برّ الخليج الشّرقي» فكان عليه بستان الأمير أبي بكر محمد بن طغج الإخشيد وميدانه، وعرف هذا البستان بالكافوري. فلمّا اختطّ القائد جوهر القاهرة، أدخل هذا البستان في سور القاهرة، وعمل بجانبه الميدان الذي يعرف اليوم بالخرنشف، فصارت القاهرة تشرف من


(a) بولاق: الحاج.
(١) فيما تقدم ٣٧: ١، ١٥٦: ٢.
(٢) فيما يلي ٣٦٩.
(٣) فيما يلي ٤٤٤: ٢.