العسل. فوقع الشّروع في عمله، وجمع له من رجال البلاد اثنى عشر ألف رجل ومائتي قطعة جرّافة (١)، وأقام فيه القناطر. فصار محبسا لتلك البلاد، وإذا فتح (a) بحر أبي المنجّا امتلأت الأملاق بالماء، واستند (b)) على هذا الجسر.
وفي أوّل سنة عمل هذا الجسر أبطل فتح سدّ (c) بحر أبي المنجّا تلك السّنة، وفتح من جسر شيبين هذا. وحصل بهذا الجسر نفع كبير لبلاد العلو، واستبحر منه عدّة بلاد وطيئة (٢). والعمل على هذا الجسر إلى يومنا هذا.
[جسرا مصر والجيزة]
اعلم أنّ الماء في القديم كان محيطا بجزيرة مصر - التي تعرف اليوم بالرّوضة - طول السّنة.
وكان فيما بين ساحل مصر وبين الرّوضة جسر من خشب، وكذلك فيما بين الرّوضة وبرّ الجيزة جسر من خشب، يمرّ عليهما النّاس والدّوابّ من مصر إلى الرّوضة، ومن الرّوضة إلى الجيزة.
وكان هذان الجسران من مراكب مصطفّة بعضها بحذاء بعض وهي موثقة، ومن فوق المراكب أخشاب ممتدّة فوقها تراب، وكان عرض الجسر ثلاث قصبات.
قال القضاعي: وأمّا الجسر فقال بعضهم: رأيت في كتاب - ذكر أنّه خطّ أبي عبد اللّه بن فضالة - صفة الجسر وتعطيله وإزالته، وأنّه لم يزل قائما إلى أن قدم المأمون مصر، وكان غريبا. ثم أحدث المأمون هذا الجسر الموجود اليوم الذي تمرّ عليه المارّة وترجع من الجسر القديم. فبعد أن خرج المأمون عن البلد، أتت ريح عاصف فقطعت الجسر الغربي، فصدمت سفنه الجسر المحدث فذهبا جميعا، فبطل الجسر القديم وأثبت الجديد. ومعالم الجسر القديم معروفة إلى هذه الغاية.
وقال ابن زولاق في كتاب: «إتمام (d)) كتاب الكندي في أخبار (d) أمراء مصر»: ولعشر خلون من شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، سارت العساكر لقتال القائد جوهر، ونزلوا الجزيرة بالرّجال والسّلاح والعدّة، وضبطوا الجسرين. وذكر ما كان منهم … إلى أن قال، في عبور جوهر:
(a) المسودة: كسر. (b) بولاق: أسند. (c) إضافة من مسودة الخطط. (d-d) إضافة اقتضاها السياق. (١) حاشية بخط المؤلّف: «الجرّافة: فعّالة من قولهم: سيل جرّاف يجرف ما مرّ به من كثرته، أي يأخذ ما مرّ به أخذا كبيرا». (٢) المقريزي: مسودة الخطط ٥٠ و.