للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثرها، ورخامه من كنائس الإسكندرية وأرياف مصر، وبعضه بناه قرّة بن شريك عامل الوليد ابن عبد الملك (١).

ويقال إنّ بالجيزة قبر كعب الأحبار، وإنّه كان بها أحجار ورخام قد صوّرت فيها التّماسيح، فكانت لا تظهر فيما يلي البلد من النّيل مقدار ثلاثة أميال علوّا وسفلا.

وفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة، منع الملك النّاصر محمد بن قلاوون الوزير أن يتعرّض إلى شيء مما يتحصّل من مال الجيزة، فصار جميعه يحمل إليه.

[ذكر سجن يوسف ]

قال القضاعيّ: سجن يوسف ببوصير من عمل الجيزة (٢)، أجمع أهل المعرفة من أهل مصر على صحّة هذا المكان. وفيه أثر نبيّين: أحدهما يوسف، سجن به المدّة التي ذكر أنّ مبلغها سبع سنين، وكان الوحي ينزل عليه فيه.

وسطح السّجن موضع معروف بإجابة الدّعاء، يذكر أنّ كافور الإخشيدي سأل أبا بكر بن الحدّاد عن موضع معروف بإجابة الدّعاء ليدعو فيه، فأشار عليه بالدّعاء على سطح السّجن (٣).

والنّبيّ الآخر موسى وقد بني على أثره مسجد هناك يعرف بمسجد موسى.

أخبرنا أبو الحسن عليّ بن إبراهيم الشّرفي بالشّرف (٤) قال: حدّثنا أبو محمد عبد اللّه بن الورد - وكان قد هلكت أخته وورث منها مورثا، وكنّا نسمع عليه دائما، وكان لسجن يوسف وقت يمضي الناس إليه يتفرّجون - فقال لنا يوما: يا أصحابنا، هذا أوان السّجن، ونريد أن نذهب إليه؛ وأخرج عشرة دنانير فناولها لأصحابه وقال لهم: ما اشتهيتموه فاشتروه؛ فمضى أصحاب الحديث واشتروا ما أرادوا؛ وعدّينا يوم أحد الجيزة كلّنا، وبتنا في مسجد همدان، فلمّا كان الصّباح مشينا حتى جئنا إلى مسجد موسى، وهو الذي في السّهل، ومنه يطلع إلى


(١) ابن دقماق: الانتصار ١٢٧: ٤.
(٢) القلقشندي: صبح الأعشى ٢٨٠: ٣.
(٣) السيوطي: حسن المحاضرة ٣٧: ١؛ ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٢٣٨: ١. ودرس الأستاذ ستريكر جميع النصوص العربية التي ذكرت سجن يوسف لتحديد هذا الموضع، وتوصّل إلى أن المقصود به هو معبد السّرابيوم (عجل أبيس) بصحراء سقّارة قرب الهرم المدرّج Stricker،) B.M.، «La Prison de Joseph»، Acta Orientalis. (XIX (١٩٤٢)، pp. ١٠١ - ١٣٧
(٤) بعد ذلك في الانتصار لابن دقماق: في جمادى الآخر سنة أربع وأربع مائة.