للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرى، ففعل. فقال له: تمارض فتمارض، فبعث إليه الحجّاج بطبيبه، فشقّ ذلك على زادان، وأمره ألاّ يظهر للحجّاج (١).

فاتّفق عقيب ذلك أنّ زادان قتل في فتنة عبد الرّحمن بن محمد بن الأشعث، وهو خارج من موضع كان فيه إلى منزله، فاستكتب الحجّاج بعده صالحا، فأعلم الحجّاج بما جرى له مع زادان في نقل الدّيوان، فأعجبه ذلك وعزم عليه في إمضائه، فنقله من الفارسيّة إلى العربية. وشقّ ذلك على الفرس، وبذلوا له مائة ألف درهم على ألاّ يظهر النّقل، فأبى عليهم، فقال له مروان شاه بن زادان فرّوخ: قطع اللّه أصلك من الدنيا كما قطعت أصل الفارسيّة.

وكان عبد الحميد بن يحيى يقول: للّه درّ صالح، ما أعظم منّته على الكتّاب.

وأمّا ديوان الشّام فإنّ الذي نقله من الرّوميّة إلى العربيّة أبو ثابت سليمان بن سعد كاتب الرّسائل؛ واختلف في وقت نقله، فقيل: نقل في خلافة عبد الملك بن مروان، وقيل: في خلافة هشام بن عبد الملك (٢).

وكان الذي يكتب على ديوان الشّام سرجون بن منصور النّصراني في أيّام معاوية بن أبي سفيان، ثم كتب بعده ابنه منصور بن سرجون.

[ذكر خراج مصر في الإسلام]

أوّل من جبى خراج مصر (٣) في الإسلام عمرو بن العاص فكانت جبايته اثني عشر ألف ألف دينار، بفريضة دينارين دينارين من كلّ رجل. ثم جبى عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح مصر أربعة عشر ألف ألف دينار؛ فقال عثمان بن عفّان لعمرو بن العاص: يا أبا عبد اللّه، درّت اللّقحة بأكثر من درّها الأوّل؛ فقال: أضررتم بولدها.


(١) الجهشياري: كتاب الوزراء والكتاب ٣٨.
(٢) البلاذري: فتوح البلدان ٢٣٠؛ الجهشياري: كتاب الوزراء والكتاب ٤٠؛ وانظر عن تعريب الدواوين مقال عبد العزيز الدوري. DU? ri?، A.A.، El ٢? art.Di? wa? n II، p. ٣٣٣
(٣) الخراج هو ضريبة الأرض الزراعية، وكانت تفرض أصلا على كلّ أراضي سكان البلاد الأصليين غير المسلمين المفتوحة صلحا. وعندما خشي مع الوقت أن يؤدي تحوّل عدد كبير من سكان البلاد الأصليين إلى الإسلام إلى تقليل موارد بيت المال، رئي أن لا تتأثّر ضربية الأرض بتغيير اعتقاد مالكها، أي أن دخول الإسلام كان يعفي من الجزية ولكنه لا يعفي من الخراج. وبذلك أصبح الخراج من وجهة نظر الفقه الإسلامي إيجارا دائما للأرض لمصلحة الأمة المالك الأعلى لها بوصفها فيئا، بينما كان من وجهة نظر السكان المحليين مجرد استمرار لضريبة الأرض الزراعية التي كان معمولا