مائة (١)، فأخذ عدّة مساكن ممّا حولها وهدمها وصيّرها ساحة بها. فصارت من أعظم الدّور اتّساعا وزخرفة، وفيها سبعة آبار معيّنة، وفسقية ينقل إليها الماء بساقية على فوّهة بئر. وما زال صاحبها شهاب الدّين فيها إلى أن سافر إلى الإسكندرية في محرّم سنة ثمان وثمان مائة، فمات ﵀ وانتقلت من بعده لغير واحد بالبيع.
[دار الحاجب]
هذه الدّار فيما بين الخرنشف وحارة برجوان، كان مكانها من جملة الميدان - وكان يسلك من حارة برجوان في طريق شارعة إلى باب الكافوري، فلمّا عمّر الأمير بكتمر هذه الدّار، جعل إسطبلها حيث كانت الطّريق، وركّب بابا بخوخة ممّا يلي حارة برجوان، واشترط عليه النّاس ألاّ يمنع المارّة من سلوك هذا المكان، فوفّى بما اشترط.
وما برح النّاس يمرّون من هذا الطّريق في وسط الإسطبل على باب داره، سالكين من حارة برجوان إلى الكافوري والخرنشف ومنه إلى حارة برجوان؛ وسلكت (a) من هذه الطّريق غير مرّة، وكان يقال لها خوخة الحاجب. ثم لمّا طال الأمد وذهبت المشيخة نسيت هذه الطّريق، وقفل الباب وانقطع سلوك النّاس منه، وصارت تلك الطّريق من جملة حقوق الدّار.
وما برحت هذه الدّار ينصب على بابها الطّوارق دائما كما كانت عادة دور الأمراء في الزّمن القديم. فلمّا تغيّرت الرّسوم وبطل ذلك، قلعت الطّوارق من جانبي الباب وأعلى أسكفّته.
وباب هذه الدّار تجاه باب الكافوري، وعرفت بالأمير سيف الدّين بكتمر الحاجب صاحب الدّار خارج باب النّصر والمدرسة بجواره، ثم حلّ وقفها في (b) سنة ثمان وعشرين وثمان مائة وبيعت كما بيع غيرها من الأوقاف. وهناك ترى ترجمته (٢).
(a) بولاق: وأنا سلكت. (b) ساقطة من بولاق. وكان قد أعدّ رسالة ماجستير بنفس العنوان بكلية الآداب جامعة القاهرة سنة ١٩٧١. (١) شهاب الدين أحمد بن طوغان الدّودار المتوفى سنة ٨٠٨ هـ/ ١٤٠٦ م. (المقريزي: درر العقود الفريدة ٢١٣ - ٢١٤؛ ابن حجر: ذيل الدرر الكامة ١٦٦، إنباء الغمر ٣٣١: ٢؛ السخاوي: الضوء اللامع ٣٢٠: ١). (٢) فيما يلي ٢٠٨ - ٢١٠.