قد أمنتم ريب الزّمان ونمتم … ربّ خوف مكمّن في الأمان
فلمّا قرأها قال: لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم. ولم يلبث بعدها إلاّ أيّاما يسيرة ومرض فمات.
حارة الباطليّة
عرفت بطائفة يقال لهم الباطليّة، قال ابن عبد الظّاهر: وكان المعزّ لمّا قسم العطاء في النّاس، جاءت طائفة فسألت عطاء، فقيل لها فرغ ما كان حاضرا ولم يبق شيء، فقالوا: رحنا نحن باطل (a) فسمّوا الباطليّة، وعرفت هذه الحارة بهم (١).
وفي سنة ثلاث وستين وستّ مائة احترقت حارة الباطليّة، عند ما كثر الحريق في القاهرة ومصر، واتّهم النّصارى بفعل ذلك (٢). فجمعهم الملك الظّاهر بيبرس، وحملت لهم الأحطاب الكثيرة والحلفاء، وقدّموا ليحرقوا بالنّار. فتشفّع لهم الأمير فارس الدّين أقطاي أتابك العساكر، على أن يلتزموا بالأموال التي احترقت، وأن يحملوا إلى بيت المال خمسين ألف دينار، فتركوا.
وجرى في ذلك ما يستحسن حكايته، وهو أنّه قد جمع مع النّصارى سائر اليهود، وركب السّلطان ليحرقهم بظاهر القاهرة، وقد اجتمع النّاس من كلّ مكان للتشفّي بحريقهم لما نالهم من البلاء فيما دهوا به من حريق الأماكن، لا سيما الباطليّة فإنّها أتت النّار عليها حتى خربت (b)
(a) بولاق: رحنا نحن في الباطل، ابن أبيك وابن دقماق: الحق باطل. (b) بولاق: حرقت. (١) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٤٢؛ وانظر كذلك ابن أبيك: كنز الدرر ١٤٠: ٦ - ١٤١؛ ابن دقماق: الانتصار ٣٧: ٥؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٥١: ٣؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٣٤٩؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٦: ٤. ويدلّ على موضع هذه الحارة اليوم شارع الباطنية وحارة الباطنية شرقي الجامع الأزهر. (٢) انظر تفصيل خبر هذا الحريق عند مفضل بن أبي الفضائل: النهج السديد Patr.Or.XII (١٩١٩) pp. ٤٧٥ - ٧٧؛ النويري: نهاية الأرب ١١٤: ٣٠؛ المقريزي: السلوك ٥٣٥: ١. ولم يذكر المقريزي خبر حريق الباطليّة في مسوّدة المواعظ، واكتفى بقوله: قال كاتبه: واحترقت الباطليّة، وترك بعد ذلك بياضا استدركه في المبيّضة.