بالعدد والسّلاح والنّفطية والأزودة، وعيّن لها جماعة من أجناد الحلقة، وألزم كلّ أمير مائة بإرسال رجلين من عدّته، وألزم أمراء الطّبلخاناة والعشروات بإخراج كلّ أمير من عدته رجلا، وندب الأمير سيف الدّين كهرداش المنصوري الزّرّاق إلى السّفر بهم، ومعه جماعة من مماليك السّلطان الزّرّاقين، وزيّنت الشّواني أحسن زينة. فخرج معظم النّاس لرؤيتها، وأقاموا يومين بلياليهما على السّاحل بالبرين. وكان جمعا عظيما إلى الغاية، وبلغت أجرة المركب الصّغير مائة درهم لأجل الفرجة.
ثم ركب السّلطان بكرة يوم السبت ثاني عشر المحرّم، ومعه الأمير سلار النّائب والأمير بيبرس الجاشنكير وسائر الأمراء والعسكر، فوقفت المماليك على البرّ نحو بستان الخشّاب، وعدّى الأمراء في الحراريق إلى الرّوضة. وخرجت الشّواني واحدا بعد واحد (a) فلعبت منها ثلاثة، وخرجت الرابعة وفيها الأمير آقوش القاري، من منية (b) الصّناعة حتى توسّط البحر، فلعب بها الرّيح إلى أن مالت، وانقلبت فصار أعلاها أسفلها. فتداركها النّاس، ورفعوا ما قدروا عليه من العدد والسّلاح، وسلمت الرّجال فلم يعدم منهم سوى آقوش وحده. فتنكّد النّاس، وعاد الأمراء إلى القلعة بالسّلطان، وجهّز شيني (c) عوضا من الذي غرق (d).
وساروا إلى منية (b) طرابلس - ثم ساروا - ومعهم عدّة من طرابلس - فأشرفوا من الغد على جزيرة أرواد من أعمال قبرس، وقاتلوا أهلها وقتلوا كثيرا منهم (e)، وملكوها في يوم الجمعة ثامن عشرين صفر، واستولوا على ما فيها، وهدموا أسوارها، وعادوا إلى طرابلس، وأخرجوا من الغنائم الخمس للسّلطان، واقتسموا ما بقي منها، وكان معهم مائتان وثمانون أسيرا، فسرّ السّلطان بذلك سرورا كثيرا (f).
[صناعة المقس]
قال ابن أبي طيّ في «تاريخه» عند ذكر وفاة المعزّ لدين اللّه: إنّه أنشأ دار الصّناعة التي بالمقس، وأنشأ بها ستّ مائة مركب لم ير مثلها في البحر على مدينة (g).
(a) بولاق: واحدة بعد واحدة. (b) بولاق: مينا. (c) بولاق: شونه. (d) بولاق: عوضا عن التي عرفت. (e) بولاق: أكثرهم. (f) في هامش آياصوفيا: بياض صفحة وسبعة أسطر. (g) بولاق: مينا.