تعدّ مؤلّفات المقريزي الصّغيرة ذات أهميّة خاصّة وقد صنّف المرحوم الدكتور جمال الدين الشّيّال - الذي عني بنشر عدد كبير منها - هذه المؤلّفات إلى أصناف أربعة.
صنف عني فيه المقريزي بمناقشة بعض مشكلات أو نواحي التاريخ الإسلامي العام.
وصنف عني فيه المقريزي بذكر عرض موجز لتاريخ بعض أطراف العالم الإسلامي ممّا لم يعن به مؤرّخون آخرون.
وصنف عني فيه المقريزي بالترجمة المختصرة لمجموعة من الملّوك.
ثم صنف عني فيه المقريزي بدراسة بعض النّواحي العلمية البحتة أو بالتأريخ لبعض النّواحي الاجتماعية والاقتصادية في العالم الإسلامي عامّة أو في مصر الإسلامية خاصّة.
ولفت المرحوم الدكتور الشّيّال نظر الباحثين إلى ظاهرتين هامّتين في مؤلّفات المقريزي الصّغيرة. الأولى أنّ المقريزي كان عالما بكلّ ما تحمله كلمة عالم من معنى، يحبّ المعرفة لذاتها ويجد المتعة في البحث والدّراسة والاستقصاء، وأنّه لم يؤلّف هذه المؤلّفات إلاّ إشباعا لذاته المتطلّعة إلى الاستزادة من العلم والمعرفة. والثانية أنّ المقريزي ألّف معظم هذه المؤلّفات الصّغيرة في أخريات حياته - بعد أن تمّ نضجه الفكري واتّسعت قراءاته وعمقت معرفته - وبصفة خاصّة في سنة ٨٣٩ هـ أثناء مجاورته في مكّة، ثم بيّضها بعد عودته إلى مصر في سنة ٨٤١ هـ.
وخلص الشّيّال إلى أنّ كتب الصّنف الرّابع في رأيه هي أهمّ مؤلّفات المقريزي الصّغيرة وأكثرها قيمة وأطرفها موضوعا لأنّه عالج فيها موضوعات قلّما عالجها غيره من المؤرّخين المسلمين، وعني فيها على الأخصّ بالموضوعات العلمية البحتة وبالشّعب ومشكلاته الاجتماعية والاقتصادية.
وعلى أنّ معلوماته في هذا الصّنف تدل على قراءة واسعة ومعرفة متثبّتة وفكر واضح منظّم ومنهج علمي سليم (١).
فمن مؤلّفات الصّنف الأوّل كتاب «النّزاع والتّخاصم فيما بين بني أميّة وبني هاشم»(٢) وكتاب
(١) جمال الدين الشيال: «مؤلفات المقريزي الصغيرة» في كتاب دراسات عن المقريزي، القاهرة ١٩٧١، ٢٥ - ٢٨، ومقدمة اتعاظ الحنفا للمقريزي ١٣: ١ - ١٧. (٢) نشر هذا الكتاب أكثر من مرة آخرها نشرة الدكتور حسين مؤنس في سلسلة ذخائر العرب تحت رقم ٦٢ التي تصدرها دار المعارف سنة ١٩٨٨، كما نقله إلى الإنجليزية المستشرق الإنجليزي كليفورد إدموند بوزورث سنة ١٩٨٠ في مجلة الدراسات السامية C.E.، «Al-Maqri? zi'? s Book