شهر رجب سنة ستّ وعشرين وسبع مائة. وأوّل من استقرّ في مشيختها الشّيخ شمس الدّين (a) الرّومي، ورتّب له عن معلوم المشيخة في كلّ شهر مائة درهم، وعن معلوم الإمامة مبلغ خمسين درهما، ورتّب معه عشرين صوفيّا: لكلّ منهم في الشهر مبلغ ثلاثين درهما، فجاءت من أجلّ ما بني بمصر. ورتّب بها صوفيّة وقرّاء، وقرّر لهم الطعام والخبز في كلّ يوم، والدّراهم والحلوى والزّيت والصّابون في كلّ شهر، وبنى بجانبها حمّاما، وأنشأ/ هناك بستانا.
فعمرت تلك الخطّة، وصار بها سوق كبير وعدّة سكّان، وتنافس الناس في مشيختها، إلى أن كانت المحن من سنة ستّ وثمان مائة، فبطل الطعام والخبز منها، وانتقل السكّان منها إلى القاهرة وغيرها، وخربت الحمّام والبستان، وصار يصرف لأرباب وظائفها مبلغ من نقد مصر، وأقام فيها رجل يحرسها، وتمزّق ما كان فيها من الفرش والآلات النحاس والكتب والرّبعات والقناديل النحاس المكفّت والقناديل الزّجاج المذهّب، وغير ذلك من الأمتعة والنفائس الملوكية، وخرب ما حولها لخلوّه من السّكّان (١).
بكتمر السّقي الأمير سيف الدّين [المظفّري] (b)،
كان أحد مماليك الملك المظفّر بيبرس الجاشنكير. فلمّا استقرّ الملك الناصر محمد بن قلاوون في المملكة بعد بيبرس، أخذه في جملة من أخذ من مماليك بيبرس، ورقّاه حتى صار أحد الأمراء الأكابر، وكتب
(a) بياض بآياصوفيا. (b) زيادة من المقفى الكبير. - بشارع التّونسي بسفح المقطّم قرب ضريح ابن عطاء اللّه السّكندري ومسجل بالآثار برقم ٦٠٨، أمّا خانقاه بكتمر السّاقي فقد اندثرت الآن. راجع كذلك، مجهول: تاريخ سلاطين المماليك ٢٢٧، الشجاعي: تاريخ الملك الناصر ١١٧؛ ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك ٣٢٦: ٩؛ ابن الزيات: الكواكب السيارة ٣١٩، أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٨٤: ٩، المنهل الصافي ٣٩٧: ٣؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٤٦٧: ١/ ١.