فيكون الحال في النّسيء على ذلك ثلاث سنين متواليات، فإذا كان في السّنة الرابعة جعلوا النّسيء ستّة أيام، فتكون سنوهم ثلاث سنين متواليات كلّ سنة ثلاث مائة وخمسة وستون يوما، والرابعة يصير عددها ثلاث مائة وستة وستين يوما.
ويرجع حكم سنتهم إلى حكم سنة اليونانيين، بأن تصير سنتهم الوسطى ثلاث مائة وخمسة وستين يوما وربع يوم، إلاّ أنّ الكبس يختلف فإذا كان كبس القبط في سنة، كان كبس اليونانيين في السنة الدّاخلة.
وأسماء شهور القبط - توت، بابه، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى (١). فهذه اثنا عشر شهرا، كلّ شهر منها عدده ثلاثون يوما، وإذا كانت عدّة شهر مسرى، وهو الشّهر الثاني عشر، زادوا أيام النّسيء بعد ذلك، وعملوا النّوروز أوّل يوم من شهر توت (٢).
ذكر أسابيع الأيّام
اعلم أنّ القدماء من الفرس والصّغد (a) وقبط مصر الأول لم يكونوا يستعملون الأسابيع من الأيّام في الشهور، وأوّل من استعملها أهل الجانب الغربي من الأرض، لا سيّما أهل الشّام وما حواليه، من أجل ظهور الأنبياء ﵈ فيما هنالك، وإخبارهم عن الأسبوع الأوّل وبدء العالم فيه، وأنّ اللّه خلق السّموات والأرض في ستّة أيّام من الأسبوع.
ثم انتشر ذلك منهم في سائر الأمم، واستعملته العرب العاربة بسبب تجاور ديارهم وديار أهل الشّام، فإنّهم كانوا قبل تحوّلهم إلى اليمن ببابل، وعندهم أخبار نوح ﵇، ثم بعث اللّه تعالى إليهم هودا ثم صالحا ﵉، وأنزل فيهم إبراهيم خليل الرّحمن وابنه إسماعيل ﵉، فتعرّب إسماعيل.
وكانت القبط الأول تستعمل أسماء الأيّام الثلاثين من كلّ شهر، فتجعل لكلّ يوم منها اسما كما هو العمل في تاريخ الفرس؛ وما زالت القبط على هذا إلى أن ملك مصر أغسطس بن يوجس، فأراد أن يحملهم على كبس السّنين ليوافقوا الرّوم أبدا فيها، فوجدوا الباقي حينئذ إلى
(a) بولاق: الصفد. (١) انظر فيما يلي ٧٣٠ - ٧٣٩. (٢) انظر فيما يلي ٧٣٠.