للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقام ملكا إحدى وعشرين سنة، وهلك بعد علل صعبة دوّد منها بدنه، وسقطت أسنانه.

وهو آخر من عبد الأصنام من ملوك الرّوم (١)، وكلّ من ملك بعده فإنّما كان على دين النّصرانية، فإنّ الذي ملك بعده ابنه سنة واحدة، وقيل أكثر من ذلك. ثم ملك قسطنطين الأكبر، فأظهر دين النّصرانية ونشره في الأرض (٢).

ويقال إنّ رجلا ثار بمصر يقال له «أجلة» [Achilleus]، وخرج عن طاعة الرّوم، فسار إليه دقلديانوس وحصر الإسكندرية - دار الملك يومئذ - ثمانية أشهر حتى أخذ أجلة وقتله، وعمّ أرض مصر كلها بالسّبي والقتل (٣).

وبعث قائدة فحارب سابور ملك فارس، وقتل أكثر عسكره، وهزمه وأسر امرأته وإخوته، وأثخن في بلاده، وعاد بأسرى كثيرة من رجال فارس، ثم أوقع بعامّة بلاد رومة فأكثر في قتلهم وسبيهم، فكانت أيّامه شنعة، قتل فيها من أصناف الأمم، وهدم من بيوت العبادات ما لا يدخل تحت حصر.

وكانت واقعته بالنّصارى/ هي الشّدّة العاشرة، وهي أشنع شدائدهم وأطولها، لأنّها دامت عليهم مدّة عشر سنين، لا يفتر يوما واحدا يحرق فيها كنائسهم، ويعذّب رجالهم، ويطلب من استتر منهم أو هرب ليقتل، يريد بذلك قطع أثر النّصارى وإبطال دين النّصرانيّة من الأرض، فلهذا اتّخذوا ابتداء ملك دقلطيانوس تأريخا.

وكان ابتداء ملكه يوم الجمعة، وبينه وبين يوم الاثنين أوّل يوم من توت، وهو أوّل أيّام ملك الإسكندر بن فيلبش المقدوني، خمس مائة وأربع وتسعون سنة وأحد عشر شهرا وثلاثة أيام وبين يوم الجمعة، أوّل يوم من تأريخ دقلديانوس، وبين يوم الخميس أوّل يوم من سنة الهجرة النّبويّة ثلاث مائة وثمان وثلاثون سنة قمريّة وتسعة وثلاثون يوما.

وجعلوا شهور السّنة القبطيّة اثني عشر شهرا، كلّ شهر منها عدده ثلاثون يوما سواء. فإذا تمّت الأشهر الاثنا عشر، أتبعوها بخمسة أيّام زيادة على عدد أيّامها، وسمّوا هذه الخمسة الأيام أبو غمنا، وتعرف اليوم بأيّام النّسيء (٤).


(١) البيروني: الآثار الباقية ٢٩، وقارن ابن العبري: تاريخ مختصر الدول ٧٧ - ٧٨.
(٢) انظر فيما يلي ٧٢١.
(٣) أوروسيوس: تاريخ العالم ٤٥٥. وانظر The.Coptic Encyclopedia I، pp. ٥٥ - ٥٦
(٤) القلقشندي: صبح الأعشى ٣٩٩: ٢.