اعلم أنّ البريد أوّل من رتّب دوابّه الملك دارا بن بهمن بن كيبشتاف بن لهراسف (a)، أحد ملوك الفرس.
وأمّا في الإسلام فأوّل من أقام البريد أمير المؤمنين المهدي محمد بن أبي جعفر المنصور، أقامه فيما بين مكّة والمدينة - (b)) على ساكنها أفضل الصّلاة والسّلام والتحيّة والإكرام (b) واليمن، وجعله بغالا وإبلا، وذلك في سنة ستّ وستين ومائة. وأصل هذه الكلمة «بريد ذنب» فإنّ دارا أقام في سكك البريد دوابّ محذوفة الأذناب سمّيت «بريد ذنب»، ثم عرّبت وحذف منها نصفها الأخير فقيل «بريد».
وهذا الدّرب/ الذي يسلكه العساكر والتّجّار وغيرهم من القاهرة على الرّمل إلى مدينة غزّة، ليس هو الدّرب الذي يسلك في القديم من مصر إلى الشّام. ولم يحدث هذا الدّرب الذي يسلك فيه من الرّمل الآن إلاّ بعد الخمس مائة من سني الهجرة، عندما انقرضت الدّولة الفاطمية (٢).
وكان الدّرب أوّلا قبل استيلاء الفرنج على سواحل البلاد الشّاميّة غير هذا؛ قال أبو القاسم عبيد اللّه بن عبد اللّه بن خرداذبه في كتاب «المسالك والممالك»: وصفة الأرض والطّريق من دمشق إلى الكسوة اثنا عشر ميلا، ثم إلى جاسم أربعة وعشرون ميلا، ثم إلى فيق أربعة وعشرون ميلا، ثم إلى طبريّة مدينة الأردنّ ستّة أميال، ومن طبريّة إلى اللّجون عشرون ميلا، ثم إلى القلنسوة عشرون ميلا، ثم إلى الرّملة مدينة فلسطين أربعة وعشرون ميلا، والطريق من الرّملة إلى أزدود اثنا عشر ميلا، ثم إلى غزّة عشرون ميلا، ثم إلى العريش أربعة وعشرون ميلا في رمل، ثم إلى الورّادة ثمانية عشر ميلا، ثم إلى أمّ العرب (٣) عشرون ميلا، ثم إلى الفرما أربعة وعشرون ميلا، ثم إلى جرجير ثلاثون ميلا، ثم إلى الغاضرة (c) أربعة وعشرون ميلا، ثم إلى
(a) بولاق: كيستاسف بن كيهراسف. (b-b)) ساقطة من بولاق. (c) بولاق: القاصرة. (١) نقل سلفستر دي ساسي هذا الفصل إلى الفرنسية بعنوان De Sacy، S.، «Route de la capitale de l'Egypte a Damas (Extrait de la Description de l'Egypte par Makrizi)»، Magazin Encyclopedique ٧ (١٨٠١)، pp. ٣٢٨ - ٣٢. (٢) ابن إياس: بدائع الزهور ٢٧: ١/ ١ - ٢٨. (٣) جاء على هامش نسخة الأصل هنا: «أمّ العرب.