للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المقشرة]

هذا السّجن بجوار باب الفتوح فيما بينه وبين الجامع الحاكمي، كان يقشّر فيه القمح. ومن جملته برج من أبراج السّور، على يمنة الخارج من باب الفتوح، استجدّ بأعلاه دور لم تزل إلى أن هدمت خزانة شمائل. فعيّن هذا البرج والمقشرة لسجن أرباب الجرائم، وهدمت الدّور التي كانت هناك في شهر ربيع الأوّل سنة عشرين وثمان مائة (a)، وعمل البرج والمقشرة سجنا، ونقل إليه أرباب الجرائم.

وهو من أشنع السّجون وأضيقها، يقاسي فيه المسجونون من الغمّ والكرب ما لا يوصف، عافانا اللّه من جميع بلائه (١).

الجبّ بقلعة الجبل

هذا الجبّ كان بقلعة الجبل يسجن فيه الأمراء. وابتدئ عمله في سنة إحدى وثمانين وستّ مائة،/ والسّلطان حينئذ الملك المنصور قلاوون. ولم يزل إلى أن هدمه الملك النّاصر محمد بن قلاوون في يوم الاثنين سابع عشر جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وسبع مائة.

وذلك أنّ شادّ العمائر نزل إليه ليصلح عمارته، فشاهد أمرا مهولا من الظّلام وكثرة الوطاويط والرّوائح الكريهة. واتّفق مع ذلك أنّ الأمير بكتمر السّاقي كان عنده شخص يسخر به ويمازحه، فبعث به إلى الجبّ ودلّي فيه، ثم أطلعه منه (b) بعد ما بات به ليلة. فلمّا حضر إلى بكتمر أخبره بما عاينه من شناعة الجبّ، وذكر ما فيه من الرّوائح المهولة. وكان شادّ العمائر في المجلس فوصف ما فيه الأمراء الذين بالجبّ من الشّدائد. فتحدّث بكتمر مع السّلطان في ذلك، فأمر بإخراج الأمراء منه، وردم وعمّر فوقه أطباق المماليك. وكان الذي ردم به هذا الجبّ النّقض الذي هدم من الإيوان الكبير المجاور للخزانة الكبرى (c) (٢).


(a) بولاق: ثمان وعشرين وثمان مائة.
(b) بولاق: من.
(c) هنا على هامش آياصوفيا: بياض صفحة ونصف.
(١) انظر كذلك، المقريزي: السلوك ٣٨٦: ٤، ٤٢١؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٦: ١٤؛ وانظر أيضا فيما تقدم ٢٣٢).
(٢) فيما يلي ٦٨٦ - ٦٨٨، ولم يذكر المؤلف: حبس الدّيلم وحبس الرّحبة.