مصر إلى الشّام. وأكابرهم يومئذ بيبرس البندقداري، وقلاوون الألفي، وسنقر الأشقر، وبيسري، وسكز (a)، وبرامق. فخرجوا في اللّيل من بيوتهم بالقاهرة إلى جهة باب القرّاطين - ومن العادة أن تغلق أبواب القاهرة باللّيل - فألقوا النّار في الباب حتى سقط من الحريق وخرجوا منه، فقيل له من ذلك الوقت «الباب المحروق»، وعرف به (١). وأمّا القوم فإنّهم ساروا إلى الملك النّاصر يوسف بن العزيز صاحب الشّام، فقبلهم وأنعم عليهم، وأقطعهم إقطاعات، واستكثر بهم (٢).
وأصبح المعزّ وقد علم بخروجهم إلى الشّام، فأوقع الحوطة على جميع أموالهم ونسائهم وأولادهم وعامّة تعلّقاتهم وسائر أسبابهم، وتتبّعهم ونادى عليهم في الأسواق بطلب البحريّة، وتحذير العامّة من إخفائهم، فصار إليه من أموالهم ما ملأ عينيه (b).
واستمرّت البحريّة في الشّام إلى أن قتل المعزّ أيبك، وخلع ابنه المنصور، وتسلطن الأمير قطز، فتراجعوا في أيّامه إلى مصر، وآلت أحوالهم إلى أن تسلطن منهم بيبرس وقلاوون، وللّه عاقبة الأمور (٣).
باب البرقيّة (c) (٤).
(a) بولاق: سكر. (b) بولاق: عينه. (c) على هامش آياصوفيا: بياض بقدر سبعة أسطر. (١) ظن محمد رمزي بك أن مكان باب المحروق بسور القاهرة الشرقي على رأس درب المحروق داخل شارع فاطمة النبوية بالدرب الأحمر (أبو المحاسن: النجوم ١٨٧: ٩ هـ ١)، ولكنه بعد مناقشة هذا الموضوع مع الأستاذ كريزويل مال إلى أن الباب الذي اشتهر باسم الباب المحروق لا يتجاوز عرضه مترا وأنه ليس من أبواب المدينة، بل إنه فتحة من فتحات برج كبير مثل برج الظّفر، وأن هذه الفتحة لم تستعمل للمرور بل للدفاع، وعلى ذلك فإن الباب المحروق لم يكن على رأس درب المحروق عند البرج رقم ١٧، بل مكانه بين البرجين رقم ١٣ و ١٤ من أبراج سور القاهرة الشرقي وأن هذا الباب هدم وسدّ مكانه من قديم ببناء يختلف شكلا ونوعا عن البناء القديم، فتكون الطريق التي كانت توصّل من هذا الباب إلى داخل المدينة تتجه من الباب المذكور إلى الرحبة الواقعة الآن أمام جامع أصلم البهائي، على رأس درب شغلان بقسم الدرب الأحمر (نفسه ٨: ١١ هـ ١)؛ وانظر فيما تقدم ٢٦٦ هـ ١. (٢) انظر فيما تقدم ٥٨٠: ١. (٣) انظر ابن أبي الفضائل: النهج السديد PO XII) ((١٩١٩)، p. ٥٩٢؛ المقريزي: السلوك ٣٩٠: ١ - ٣٩١؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٢٩١: ١/ ١ - ٢٩٢، وانظر فيما تقدم ٥٨٠: ١، وفيما يلي ٢٣٦: ٢ - ٢٣٧. (٤) من الغريب أن لا يخصص المقريزي أيّ وصف لباب البرقيّة (باب التّوفيق)، فالقسم المخصص له ظل شاغرا في جميع نسخ الخطط التي رجعت إليها. وقد كشف عن هذا الباب في عام ١٩٥٧ أثناء شق طريق صلاح سالم وشارع المنصورية ويحمل نصّا إنشائيّا يرجع بناءه إلى أمير الجيوش بدر الجمالي في المحرم سنة ٤٨٠ هـ/ ١٠٨٧ م، ويطلق على