فلمّا مات أحمد بن طولون، وقام من بعده ابنه أبو الجيش خمارويه، أقرّهم بحالهم، وأجراهم على رسمهم مع أبيه. ومن حينئذ اتّخذ النّاس قيام المؤذّنين في اللّيل على المآذن، وصار يعرف ذلك ب «التّسبيح».
فلمّا ولي السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب سلطنة مصر، وولّى القضاء صدر الدّين عبد الملك بن درباس الهدباني الماراني الشّافعيّ - كان من رأيه ورأي السلطان اعتقاد مذهب الشّيخ أبي الحسن الأشعري في الأصول (١). فحمل النّاس إلى اليوم على اعتقاده حتى يكفّر من يخالفه (a)، وتقدّم الأمر إلى المؤذّنين أن يعلنوا - في وقت التّسبيح على المآذن باللّيل - بذكر العقيدة التي تعرف بالمرشدة.
فواظب المؤذّنون على ذكرها في كلّ ليلة بسائر جوامع مصر والقاهرة إلى وقتنا هذا.
وممّا أحدث أيضا:«التّذكير في يوم الجمعة» من أثناء النّهار بأنواع من الذّكر على المآذن، ليتهيّأ النّاس لصلاة الجمعة. وكان ذلك بعد السبع مائة من سني الهجرة؛ قال ابن كثير،﵀:
في يوم الجمعة سادس ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وسبع مائة، رسم بأن يذكر بالصّلاة يوم الجمعة في سائر مآذن دمشق، كما يذكر في مآذن الجامع الأموي، ففعل ذلك (٢).
الجامع الأزهر (b) (٣)
[أثر رقم ٩٧] هذا الجامع أوّل مسجد أسّس بالقاهرة (٤). والذي أنشأه القائد جوهر الكاتب الصّقلبي، مولى الإمام أبي تميم معدّ الخليفة أمير المؤمنين المعزّ لدين اللّه، لمّا اختطّ القاهرة.
(a) بولاق: من خالفه. (b) في المسوّدة قبل هذا العنوان: ذكر الجوامع التي يقام بها الجمعة. (١) فيما يلي ٤٤٠. (٢) ابن كثير: البداية والنهاية ٢١٠: ١٤. (٣) جاء في المسوّدة قبل ذكر الجامع الأزهر العنوان التالي: «ذكر الجوامع التي يقام بها الجمعة». (٤) كان الجامع الأزهر يعرف على الأقلّ حتى مطلع القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي باسم «جامع القاهرة». (المسبحي: نصوص ضائعة ١٣، ٢٣، ٢٩، ٣٨، ٣٩)، ولكن بعد بناء جامع الحاكم وافتتاحه للصّلاة سنة ٤٠٣ هـ/ ١٠١٢ م أصبح يذكره باسم «الجامع الأنور» (أخبار مصر ٦٤)، وجامع القاهرة باسم «الجامع الأزهر» -