وفي نصف شعبان سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة، ركب الحاكم بأمر اللّه إلى صناعة المقس لتطرح المراكب بين يديه (a).
[صناعة الجزيرة]
هذه الصّناعة كانت بجزيرة مصر، التي تعرف اليوم بالرّوضة، وهي أوّل صناعة عملت بفسطاط مصر. بنيت في سنة أربع وخمسين من الهجرة، وكان قبل بنائها هناك خمس مائة فاعل تكون مقيمة أبدا معدّة لحريق يكون في البلاد أو هدم (١). ثم اعتنى الأمير أبو العبّاس أحمد ابن طولون بإنشاء المراكب الحربية/ في هذه الصّناعة، وأطافها بالجزيرة.
ولم تزل هذه الصّناعة إلى أيّام الأمير أبي بكر محمد بن طغج الإخشيد، فأنشأ صناعة بساحل فسطاط مصر، وجعل موضع هذه الصّناعة البستان المختار، كما قد ذكر في موضعه من هذا الكتاب (b).
[صناعة مصر]
هذه الصّناعة كانت بساحل مصر القديم. يعرف موضعها بدار خديجة بنت الفتح ابن خاقان، امرأة الأمير أحمد بن طولون إلى أن قدم الأمير أبو بكر محمد بن طغج الإخشيد أميرا على مصر من قبل الخليفة الراضي، عوضا عن أحمد بن كيغلغ، في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة وقد كثرت الفتن. فلم يدخل عيسى بن أحمد السّلمي أبو مالك، كبير المغاربة في طاعته، ومضى ومعه بجكم وعليّ بن بدر ونظيف النّوشري وعليّ المغربي إلى الفيّوم. فبعث إليهم الإخشيد صاعد بن الكلكم بمراكبه، فقاتلوه وقتلوه وأخذوا مراكبه، وركب فيها عليّ بن بدر وبجكم، وقدموا مدينة مصر أوّل يوم من ذي القعدة، فأرسوا بجزيرة الصّناعة. وركب الإخشيد في جيشه، ووقف حيالهم والنّيل بينهم وبينه، فكره ذلك وقال: صناعة يحول بينها وبين
(a) في هامش آياصوفيا: بياض صفحة وسبعة أسطر. (b) في هامش آياصوفيا: بياض ثمانية أسطر. (١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٠٣؛ وابن دقماق: الانتصار ١٠٩: ٤؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٣٥: ٣؛ وفيما تقدم ٥٧٠؛ وانظر كذلك Fy'ad Sayyid، A.، La Capitale de l'Egypte، pp. ٧٧ - ٨٠.