ويعمل في اليوم السّابع عشر من شهر توت، وهو من الأعياد المحدثة، وسببه
ظهور الصّليب -
بزعمهم - على يد هيلانا أمّ قسطنطين (١)، وله خبر طويل عندهم ملخّصه ما أنت تراه.
ذكر قسطنطين (٢) - وقسطنطين هذا هو ابن قسطنش بن وليطوس بن ولنطينوس بن دقيون بن كلوديش بن غايش بن أكتبيان أغشت الأعظم الملقّب قيصر؛ وهو أوّل من ثبّت دين النّصرانيّة، وأمر بقطع الأوثان وهدم هياكلها وبنيان البيع، وآمن من الملوك بالمسيح. وكانت أمّه هيلانة من مدينة الرّها، فنشأ بها مع أمّه وتعلّم العلوم، ولم يزل في غاية من الظّفر والسّعادة، معانا منصورا على كلّ من حاربه.
وكان في أوّل أمره على دين المجوس، شديدا على النّصارى ماقتا لدينهم، وكان سبب رجوعه عن ذلك إلى دين النّصرانيّة أنّه ابتلي بجذام ظهر عليه، فاغتمّ لذلك غمّا شديدا، وجمع الحذّاق من الأطبّاء، فاتّفقوا على أدوية دبّروها له، وأوجبوا أن يستنقع - بعد أخذ تلك الأدوية - في صهريج مملوء من دماء أطفال رضّع ساعة يسيل منهم.
فتقدّم أمره بجمع جملة من أطفال النّاس، وأمر بذبحهم في صهريج ليستنقع في دمائهم وهي طريّة، فجمعت الأطفال لذلك، وبرز ليمضي فيهم ما تقدّم به من ذبحهم، فسمع ضجيج النّساء اللاّئي أخذ/ أولادهنّ فرحمهنّ وأمر فدفع لكلّ واحدة ابنها، وقال: احتمال علّتي أولى بي وأوجب من هلاك هذه العدّة العظيمة من البشر. فانصرف النّساء بأولادهنّ وقد سررن سرورا كثيرا.
فلمّا صار من اللّيل إلى مضجعه، رأى في منامه شيخا يقول له: إنّك رحمت الأطفال وأمّهاتهم، ورأيت احتمال علّتك أولى من ذبحهم، فقد رحمك اللّه ووهبك السّلامة من علّتك، فابعث إلى رجل من أهل الإيمان يدعى «شلبشتر» قد فرّ خوفا منك، وقف عند ما يأمرك
(١) القلقشندي: صبح الأعشى ٤٢٨: ٢. نشر عبد المجيد دياب هذه الفقرة في كتابه تاريخ الأقباط المعروف بالقول الإبريزي للعلامة المقريزي ٢٥٨ - ٢٦٠. (٢) نقل المقريزي ترجمة قسطنطين من الترجمة العربية لكتاب «تاريخ العالم» لباولوس أوروسيوس (هروشيوش)، وانظر كذلك البيروني: الآثار الباقية ٩٥. وولد قسطنطين في مدينة Naisos سنة ٢٧٣ م وحمل لقب أغسطس في ٢٥ يونية سنة ٣٠٦ م وأصبح اسمه Constantine I the Great وتوفي في Nikomedia في ٢٢ مايو سنة ٣٣٧ م (راجع، The Oxford Dictionary of Byzantium، Oxford. (١٩٩١ I، pp. ٤٤٨ - ٥٠٠