للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، والتزم ما يخصّك عليه تتم لك العافية. فانتبه مذعورا، وبعث في طلب شلبشتر الأسقف، فأتي به إليه وهو يظنّ أنّه يريد قتله، لما عهده من غلظته على النّصارى ومقته لدينهم؛ فعند ما رآه تلقّاه بالبشر وأعلمه بما رآه في منامه، فقصّ عليه دين النّصرانيّة، وكانت له معه أخبار طويلة مذكورة عندهم. فبعث قسطنطين في جمع الأساقفة المنفيين والمسيّرين، والتزم دين النّصرانيّة، وشفاه اللّه من الجذام، فأيّد الدّيانة، وأعلن بالإيمان بدين المسيح.

وبينا هو في ذلك، إذ توقّع وثوب أهل رومة عليه وإيقاعهم به، فخرج عنها وبنى مدينة قسطنطينية بنيانا جليلا فعرفت به، وسكنها فصارت موضع تخت الملك من عهده (١).

وقد كان النّصارى، من لدن زمان نيرون (a) الملك الذي قتل [بيطر وبولس] (b) الحواريين ومن بعده ممّن ملك رومة، في كلّ وقت يقتلون ويحبسون ويشرّدون بالنّفي، فلمّا سكن قسطنطين مدينة قسطنطينية، جمع إلى نفسه أهل المسيح وقوّد (c) وجوههم، وأذلّ عبّاد الأوثان. فشقّ ذلك على أهل رومة، وخلعوا طاعته، وقدّموا عليهم ملكا، فأهمّه ذلك، ومرّت له معهم عدّة أخبار مذكورة في تاريخ رومة. ثم إنّه خرج من قسطنطينيّة يريد رومة، وقد استعدّوا لحربه، فلمّا قاربهم أذعنوا له، والتزموا طاعته، فدخلها فأقام إلى أن رجع لحرب الفرس، وخرج إليهم فقهرهم، ودانت له أكثر ممالك الدّنيا. فلمّا كان في عشرين سنة من دولته، خرجت القوط (d) على بعض أطرافه، فغزاهم وأخرجهم عن بلاده.

ورأى في منامه كأنّ بنودا شبه الصّليب قد رفعت، وقائلا يقول له: إن أردت أن تظفر بمن خالفك، فاجعل هذه العلامات على جميع بزّك (٢) وشكلك (e). فلمّا انتبه أمر بتجهيز أمّه


(a) بولاق: بيرون.
(b) زيادة من أوروسيوس.
(c) بولاق: قوي.
(d) بولاق: الفرس.
(e) بولاق: بركك وسكك، والتصويب من الأصل وظ وتاريخ أوروسيوس.
(١) راجع عن تأسيس مدينة القسطنطينية Costantinople التي أضحت بعد دخول السلطان العثماني محمد الفاتح إليها سنة ١٤٥٣ م هي مدينة إستانبول الحالية وعاصمة الدولة العثمانية The Oxford)، Dictionary of Byzantium I، pp. ٥٠٨ - ١٢ وعن سقوط المدينة على يد السلطان محمد الفاتح انظر، Runciman، S.، The Fall of Constantinople،.Cambridge ١٩٦٥
(٢) راجع حول كلمة بزك التي قرأها Griveau «برنكك» و Casanova «بيرق» والاستخدامات المختلفة في المصادر لكلمة «برك» هامش? ١٤ صفحة ٢٣٨ - ٢٣٩ من الجزء الثالث من نشرة Wiet، وانظر فيما تقدم ٢٣٣.