للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هيلانة [Helana] إلى بيت المقدس في طلب آثار المسيح وبناء الكنائس وإقامة شرائع (a) النّصرانيّة، فسارت إلى بيت المقدس، وبنت الكنائس (١).

فيقال إنّ الأسقف مقاريوس دلّها على الخشبة التي زعموا أنّ المسيح صلب عليها، وقد قصّ عليها ما عمل به اليهود، فحفرت، فإذا قبر وثلاث خشبات على شكل الصّليب، فزعموا أنّهم ألقوا الثّلاث خشبات على ميّت، واحدة بعد واحدة، فقام حيّا عندما وضعت عليه الخشبة الثالثة منها. فاتّخذوا ذلك اليوم عيدا، وسمّوه «عيد الصّليب»، وكان في اليوم الرابع عشر من أيلول والسابع عشر من توت، وذلك بعد ولادة المسيح بثلاث مائة وثمان وعشرين سنة. وجعلت هيلانة لخشبات الصّليب غلافا من ذهب، وبنت كنيسة القمامة ببيت المقدس على قبر المسيح بزعمهم، وكانت لها مع اليهود أخبار كثيرة قد ذكرت عندهم، ثم انصرفت بالصّليب معها إلى ابنها (٢).

وما زال قسطنطين على ممالك الرّوم إلى أن مات بعد أربع وعشرين سنة من ولايته، فقام من بعده بممالك الرّوم ابنه قنسطنطين [Constantius] الأصغر (٣).

وقد كان لعيد الصّليب بمصر موسم عظيم يخرج الناس فيه إلى بني وائل بظاهر فسطاط مصر، ويتظاهرون في ذلك اليوم بالمنكرات من أنواع المحرّمات، ويمرّ لهم فيه ما يتجاوز الحدّ.


(a) بولاق: شعائر.
(١) أوروسيوس: تاريخ العالم ٤٥٧ - ٤٦٠، وبعد ذلك في تاريخ أوروسيوس أن ما قامت به هيلانة في بيت المقدس وخبرها مع اليهود مدوّن في كتاب أوسابيوس Eusebius العام الوصف لقصص البيعة وأئمتها. والمقصود هو كتاب «التاريخ الكنسي» Historia Ecclesiastica ليوسيبيوس القيصري Eusebius de Caesarea والذي يذكر فيه أبرز الحوادث التي جرت في تاريخ الكنيسة المسيحية حتى سنة ٣٢٤ م، والذي كتبه باليونانية.
وواضح ممّا ذكره المقريزي بعد ذلك وما ذكره عن الديانة المسيحية في آخر الكتاب أنه اعتمد فيه على ترجمة عربية لكتاب يوسيبيوس.
(٢) حول هيلانة وقصة العثور على صليب الصلبوت انظر Frolow، A.، Les reliquaires de la vraie Croix، Paris ١٩٦٥; The Oxford Dictionary of Byzantium؛ II، ٩٠٩، III، ٢١٢١ - ٢٦ إسحاق عبيد: «قصة عثور القديسة هيلانة على خشبة الصليب أسطورة أم واقع»، المجلة التاريخية المصرية ١٣ (١٩٦٩)، ٥ - ٢١.
(٣) أوروسيوس: تاريخ العالم ٤٦٠، ونهاية ما نشره عبد المجيد دياب.