للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مسجد يانس]

هذا المسجد كان تجاه باب سعادة خارج القاهرة (١).

قال ابن المأمون في «تاريخه»: وكان الأجلّ المأمون - يعني الوزير/ محمد بن فاتك البطائحي - قد ضمّ إليه عدّة من مماليك الأفضل بن أمير الجيوش من جملتهم يانس، وجعله مقدّما على صبيان مجلسه، وسلّم إليه بيت ماله، وميّزه في رسومه. فلمّا رأى المذكور في ليلة النصف من شهر رجب - يعني سنة ستّ عشرة وخمس مائة - ما عمل في المسجد المستجدّ قبالة باب الخوخة (٢) من الهمّة ووفور الصّدقات وملازمة الصّلوات، وما حصل فيه من المثوبات، كتب رقعة يسأل فيها أن يفسح له في بناء مسجد بظاهر باب سعادة؛ فلم يجب المأمون إلى ذلك، وقال له: ما ثمّ مانع من عمارة المساجد وأرض اللّه واسعة، وإنّما هذا السّاحل فيه معونة للمسلمين وموردة للسّقّائين، وهو مرسى مراكب الغلّة، والمضرّة في مضايقة المسلمين فيه منه، ولو لم يكن المسجد المستجدّ قبالة باب الخوخة محرسا لما استجدّ، حتى إنّا لم نخرج عن مساحته (a) الأولى، فإن أردت أن تبني قبليّ مسجد الرّيفي، أو على شاطئ الخليج، فالطريق ثمّ سهلة. فقبّل الأرض وامتثل الأمر.

فلمّا قبض على المأمون، وأمّر الخليفة يانس المذكور، ولم يزل ينقله إلى أن استخدمه في حجبة بابه، سأله في مثل ذلك، فلم يجبه إلى أن أخذ الوزارة، فبناه في المكان المذكور. وكانت مدّته يسيرة، فتوفي قبل إتمامه وإكماله، وكمّله أولاده بعد وفاته (٣). انتهى.

وقد تقدّم خبر وزارة أبي الفتح ناظر الجيوش يانس الأرمنيّ هذا عند ذكر الحارة اليانسيّة من هذا الكتاب (٤).


(a) بولاق: نخرج بساحته.
(١) عرف هذا المسجد فيما بعد ب «زاوية الشيخ محمد المغربي» وكان به ضريح يعرف بهذا الاسم. ثم تهدّم بعد مدّة وبقي الضّريح وبنيت عليه قبّة واستمرّ على ذلك إلى نحو سنة ١٢٩٠ هـ/ ١٨٧٣ م، ثم هدم ودخل محله في الميدان الذي كان أمام سراي الأمير منصور باشا والتي حلّ محلّها الآن مبنى مديرية أمن القاهرة. (علي مبارك: الخطط التوفيقية ٧٩: ٣ (٨)، ١٣٦: ٦ (٤٨)).
(٢) فيما يلي ٧١٧.
(٣) ابن المأمون: أخبار مصر ٣٧ - ٣٨؛ المقريزي: مسوّدة الخطط ١١٠ و.
(٤) فيما تقدم ٤٨: ٣ - ٤٩.