هذا المسجد في شرقيّ القرافة الصّغرى بجانب مسجد الفتح (١)، في الموضع الذي يعرف عند الزّوّار بالنقعة (a)، وهو مصلّى المعافر على الجنائز (٢). ويقال إنّه بني عند فتح مصر، وقيل بني في خلافة معاوية بن أبي سفيان. ثم بنته جهة مكنون - واسمها علم الآمريّة - أمّ ابنة الآمر، التي يقال لها ستّ القصور، في سنة ستّ وعشرين وخمس مائة، على يد المعروف بالشّيخ أبي تراب (٣).
[وجهة مكنون]
هذه كان الخليفة الآمر بأحكام اللّه كتب صداقها، وجعل المقدّم منه أربعة عشر ألف دينار، وكان لها صدقات وبرّ وخير وفضل، وعندها خوف من اللّه، وكانت تبعث إلى الأشراف بصلات جزيلة، وترسل إلى أرباب البيوت والمستورين أموالا كثيرة.
ولمّا وهب الآمر لهزّار الملوك ولبرغش، في كلّ يوم، مائتي ألف دينار عينا؛ لكلّ منهما مائة ألف دينار؛ حضر إليها عشاء على عادته، فأغلقت باب مقصورتها قبل دخوله، وقالت له: واللّه ما تدخل إليّ، أو تهب لي مثل ما وهبت لواحد من غلاميك؛ فقال: السّاعة؛ ثم استدعى بالفرّاشين فحضروا، فقال: هاتوا مائة ألف دينار السّاعة. ولم يزل واقفا إلى أن حضرت عشرة كيسة، في كلّ كيس عشرة آلاف دينار، ويحمله عشرة من الفرّاشين؛ ففتحت له الباب ودخل إليها.
ومكنون هذا هو الأستاذ الذي كان برسم خدمتها، ويقال له مكنون القاضي لسكونه وهدوئه، وكان فيه خير وبرّ كبير.
وبجانب مسجد الأندلس هذا «رباط» من غربيه، بنته جهة مكنون هذه في سنة ستّ وعشرين وخمس مائة، برسم العجائز الأرامل. فلمّا كان في سنة أربع وسبعين (b) وخمس مائة،
(a) بولاق: البقعة. (b) في معجم البلدان: أربع وتسعين. (١) فيما يلي ٨٥٨. (٢) فيما يلي ٨٧٨. (٣) مصدر هذه المعلومات ياقوت: معجم البلدان ٢٦٤: ١، ومصدر ياقوت فيها: الشّريف الجوّاني والقضاعي.