للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر خراب الفسطاط]

وكان لخراب مدينة فسطاط مصر سببان: أحدهما «الشّدّة العظمى» التي كانت في خلافة المستنصر باللّه الفاطمي، والثاني «حريق مصر» في وزارة شاور بن مجير السّعدي.

فأمّا «الشّدّة العظمى» (١) فإنّ سببها أنّ السّعر نزع (a) بمصر في سنة ستّ وأربعين وأربع مائة وتبع الغلاء وباء، فبعث الخليفة المستنصر باللّه أبو تميم معدّ بن الظّاهر لإعزاز دين اللّه أبي الحسن عليّ، إلى متملّك الرّوم بقسطنطينيّة أن يحمل الغلال إلى مصر، فأطلق أربع مائة ألف أردبّ، وعزم على حملها إلى مصر، فأدركه أجله ومات قبل ذلك.

فقام في الملك بعده امرأة، وكتبت إلى المستنصر تسأله أن يكون عونا لها، ويمدّها بعساكر مصر إذا ثار عليها أحد، فأبى أن يسعفها في طلبتها، فحردت لذلك، وعاقت الغلال عن المسير إلى مصر. فحنق المستنصر، وجهّز العساكر، وعليها مكين الدّولة الحسن بن ملهم، وسارت إلى اللاذقيّة، فحاصرتها (b) بسبب نقض الهدنة وإمساك الغلال عن الوصول إلى مصر، وأمدّها بالعساكر الكثيرة. ونودي في بلاد الشّام بالغزو، فنزل ابن ملهم قريبا من فامية، وضايق أهلها، وجال في أعمال أنطاكية فسبى ونهب، فأخرج صاحب قسطنطينيّة ثمانين قطعة في البحر، فحاربها ابن ملهم عدّة مرار، وكانت عليه، وأسر هو وجماعة كثيرة في شهر ربيع الأوّل منها.

فبعث المستنصر، في سنة سبع وأربعين، أبا عبد اللّه القضاعيّ برسالة إلى القسطنطينيّة. فوافى إليها رسول طغرلبك (c) السّلجوقي من العراق بكتابه يأمر متملّك الرّوم بأن يمكّن الرّسول من


(a) بولاق: ارتفع.
(b) بولاق: فحاربتها.
(c) ظ: لمغربك، بولاق: طغربل.
(١) راجع عن موضوع الشدة العظمى، إضافة إلى الإحالات التي سترد في الصفحات التالية، زكي محمد حسن: كنوز الفاطميين ١٤ - ١٦؛ محمد عبد اللّه عنان: «الشدة العظمى والفناء الكبير» فصل في كتاب مصر الإسلامية وتاريخ الخطط المصرية، القاهرة ١٩٦٩، ١٥٠ - ١٥٧؛ راشد البرّاوي: حالة مصر الاقتصادية في عهد الفاطميين، القاهرة ١٩٤٨، ٨٨ - ٩٩؛ أحمد السيّد الصاوي: مجاعات مصر الفاطمية - أسباب ونتائج، بيروت - دار التضامن ١٩٨٨؛ أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٢٠٤ - ٢٠٧؛ Daghfous، R.، «Aspects de la situation e? conomique de l'E? gypte au milieu du Vo? sie? cle/ milieu du XIo? siecle^Contribution a?
i'e? tude des conditions de l'immigration des tribus arabes (Hila? l et Sulaym) en Ifriqiya»، CTXXV (١٩٧٧)، pp. ٢٣ - ٥٠; Fu'a? d Sayyid، A.، op.cit.، pp.
٦١٦ - ٢٥.