للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو عبد اللّه هذا هو الذي كان بعد ذلك قاضي القضاة بمصر، وهو الذي حبس القياسر التي كانت في القشّاشين بمصر، وكان يحمل قدّامه المنارة الرّومية النحاس ذات السّواعد التي عليها الشّمع ليالي الوقودات.

وكان فيه كرم، سمع بأنّ الماذرائي (a) عمل في أيّامه الكعك الصّغير، المحشو بالسّكّر - المسمّى «افطن له» - فأمر هو بعمل لبّ الفستق الملبّس بالسّكّر الأبيض الفانيذ المطيّب بالمسك، وعمل منه في أوّل الحال شيئا عوض لبّه لبّ ذهب في صحن واحد، فمضى فيه جملة، وخطف قدّامه، تخاطفه الحاضرون، ولم يعد لعمله بل الفستق الملبّس، وهو أوّل من أخرجه بمصر. وكان قد سمع في سيرة أبي بكر الماذرائي (a) أنّه عمل هذا الافطن له، وجعل في كلّ واحد خمسة دنانير، ووقف أستاذ على السّماط، فقال لأحد الجلساء: «افطن له»، وكان على السّماط عدّة صحون من ذلك الجنس، لكن ما فيها ما فيه دنانير إلاّ صحن واحد. فلمّا رمز الأستاذ لأحد الجلساء على سماط الماذرائي (a) بقوله «افطن له» - وأشار إلى الصّحن - تناول الرّجل منه، فأصاب ذلك فاعتمد له، فحصل له جملة. ورآه الناس وهو إذا أكل يخرج شيئا من فمه ويجمع بيده، ويحطّ في حجره، فتنبّهوا وتزاحموا عليه، فقيل لذلك المعمول من ذلك الوقت: «افطن له».

وقتل هذا القاضي في تنّيس، في أيّام بهرام الوزير النصراني الأرمنيّ، سنة (b) وعشرين وخمس مائة. (١)

جوسق ابن مقسر (c)

كان جوسقا طويلا ذا تربة إلى جانبه.

جوسق الشّيخ أبي محمّد

عامل ديوان الأشراف الطالبيين. و «جوسق ابن عبد المحسن» بخطّ الأكحول. و «جوسق البغدادي الجرجرائي» - كان قبره إلى جانبه - خرب في سنة عشرين وخمس مائة، و «جوسق الشّريف أبي إسماعيل إبراهيم بن نسيب الدّولة الكلثمي الموسوي» نقيب مصر.


(a) بولاق: المادراني.
(b) بياض في النسخ، وفي بولاق ست (؟)
(c) بولاق: ابن مقشر.
(١) ابن ميسر: أخبار مصر ١٢٧؛ ابن حجر: رفع الإصر ٤٢٧ - ٤٢٨ (عن الشريف الجواني)؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ١٦٣: ٣، المقفى الكبير ٤٠٠: ٧ - ٤٠١؛ السيوطي: حسن المحاضرة ١٥٢: ٢؛ وفيما تقدم ١٢٨: ٢ (عن الشريف الجوّاني).