الأوّل سنة إحدى وثمان مائة (١). ألزم الشّيخ بالخانقاه والصّوفيّة أن يصلّوا الجمعة به. فصاروا يصلّون الجمعة فيه إلى أن زالت أيّام السّالمي، فتركوا الاجتماع بالجامع الأقمر، ولم يعودوا إلى ما كانوا عليه من الاجتماع بالجامع الحاكمي، ونسي ذلك.
ولم يكن بهذه الخانقاه مئذنة، والذي بنى هذه المئذنة شيخ ولي مشيختها في سنة بضع وثمانين وسبع مائة، يعرف بشهاب الدّين أحمد الأنصاري. وكان الناس يمرّون في صحن الخانقاه بنعالهم، فجدّد شخص من الصّوفيّة بها - يعرف بشهاب الدّين أحمد العثماني - هذا الدّرابزين، وغرس فيه هذه الأشجار، وجعل عليها وقفا لمن يتعاهدها بالخدمة.
الخانقاه الرّكنيّة بيبرس (a) [أثر رقم ٣٦]
هذه الخانقاه من جملة دار الوزارة الكبرى، التي تقدّم ذكرها عند ذكر القصر من هذا الكتاب (٢)، وهي أجلّ خانقاه بالقاهرة بنيانا وأوسعها مقدارا وأتقنها صنعة. بناها الملك المظفّر ركن الدّين بيبرس الجاشنكير المنصوري قبل أن يلي السّلطنة وهو أمير، فبدأ في بنائها في سنة ستّ وسبع مائة، وبنى بجانبها رباطا كبيرا يتوصّل إليه من داخلها، (b) ومن باب آخر يسلك إليه من الزّقاق المقابل لخانقاه سعيد السّعداء (b)، وجعل بجانب الخانقاه قبّة بها قبره. ولهذه القبّة شبابيك تشرف على الشّارع المسلوك فيه من رحبة باب العيد إلى باب النصر. من جملتها الشّبّاك الكبير الذي حمله الأمير أبو الحارث البساسيري من بغداد لمّا غلب الخليفة القائم العبّاسي، وأرسل بعمامته وشبّاكه الذي كان بدار الخلافة في بغداد وتجلس الخلفاء فيه، وهو هذا الشّبّاك - كما ذكر في أخبار دار الوزارة من هذا الكتاب (٢) - فلمّا ورد هذا الشّبّاك من بغداد، عمل بدار الوزارة، واستمرّ فيها إلى أن عمّر الأمير بيبرس الخانقاه المذكورة، فجعل هذا الشّبّاك بقبّة الخانقاه، وهو بها إلى يومنا هذا، وإنّه لشبّاك جليل القدر حشم، يكاد تتبيّن عليه أبّهة الخلافة (٣).
(a) بولاق: خانقاه ركن الدّين بيبرس. (b) (b-b) ساقطة من بولاق. (١) فيما تقدم ١٥٢. (٢) فيما تقدم ٤٤٠: ٢ - ٤٤١. (٣) لا تزال هذه الخانقاه باقية إلى الآن في شارع الجمالية في مواجهة الدّرب الأصفر، وهي أقدم خانقاه باقية في -