للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأبطلوا حركة المركب بالمجاذيف إلى داخل السّرب وجرّوا الحبال ليرجعوا إلى حيث دخلوا، حتى انتهوا إلى رأس السّرب.

فكانت مدّة غيبتهم في السّرب ستة أيام: أربعة منها دخولا إلى جوفة وتطواف جوانبه، ويومان رجوعا إلى رأس السّرب. ولم يقفوا في هذه المدّة على نهاية السّرب.

فكتب بذلك الأمير علاء الدين ألطنبغا والي البهنسا إلى الملك الكامل، فتعجّب عجبا كثيرا، واشتغل عن ذلك بمحاربة الفرنج على دمياط. فلمّا رحلوا عن دمياط وعادوا إلى القاهرة، خرج بعد ذلك حتى شاهد السّرب المذكور.

[ذكر دروط بلهاسة]

اعلم أنّ دروط - وهي بفتح الدال المهملة وضمّ الراء وسكون الواو وطاء - اسم لثلاث قرى: دروط أشمون من الأشمونين، ودروط سريان من الأشمونين أيضا، ودروط بلهاسة من ناحية البهنسا بالصّعيد (١).

وبها جامع أنشأه زياد بن المغيرة بن زياد بن عمرو العتكي (٢)، ومات في المحرّم سنة إحدى وتسعين ومائة فدفن به، وقال فيه الشّاعر:

[الخفيف]

حلف الجود حلفة برّ فيها … ما برّا اللّه واحدا كزياد

كان غيثا لمصر إذ كان حيّا … وأمانا من السّنين الشّداد

ومات أخوه إبراهيم بن المغيرة سة سبع وتسعين ومائة، فقال الشّاعر فيه:

[البسيط]

ابن المغيرة إبراهيم من ذهب … يزداد حسنا على طول الدّهارير

لو كان يملك ما في الأرض عجّله … إلى العفاة ولم يهمم بتأخير

ومات أحمد بن زياد بن المغيرة في المحرّم سنة ستّ وثلاثين ومائتين، فقال الشّاعر فيه:

[الخفيف]

أحمد مات ماجدا مفقودا … ولقد كان أحمد محمودا

ورث المجد عن أب ثم عمّ … مثله ليس بعده موجودا


(١) هي المعروفة الآن بقرية الشيخ زياد بمركز مغاغة بمحافظة المنيا (محمد رمزي: القاموس الجغرافي ٢٤٥: ٣/ ٢).
(٢) مازال هذا الجامع قائما ويعرف بجامع الأمير زياد بقرية الشيخ زياد بمحافظة المنيا (سعاد ماهر: مساجد مصر ٣١٠: ١ - ٣١٣).