للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من التّرك وحدث من المغاربة، فتجمّع شيوخ الفريقين، واقتتلوا يومين آخرهما يوم الأربعاء تاسع شعبان سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.

فلمّا كان يوم الخميس ركب ابن عمّار لابسا آلة الحرب وحوله المغاربة، فاجتمع الأتراك، واشتدّت الحرب، وقتل جماعة وجرح كثير، فعاد إلى داره، وقام برجوان بنصرة الأتراك، فامتدّت الأيدي إلى دار ابن عمّار وإسطبلاته ودار رشا غلامه، فنهبوا منها ما لا يحصى كثرة فصار إلى داره بمصر في ليلة الجمعة لثلاث بقين من شعبان، واعتزل عن الأمر. فكانت مدّة نظره أحد عشر شهرا إلاّ خمسة أيام، فأقام بداره في مصر سبعة وعشرين يوما.

ثم خرج إليه الأمر بعوده إلى القاهرة، فعاد إلى قصره هذا ليلة الجمعة الخامس والعشرين من رمضان، فأقام به لا يركب ولا يدخل إليه أحد إلاّ أتباعه وخدمه. وأطلقت له رسومه وجراياته التي كانت في أيام العزيز باللّه، ومبلغها عن اللّحم والتّوابل والفواكه خمس مائة دينار في كلّ شهر، وفي اليوم سلّة فاكهة بدينار وعشرة أرطال شمع ونصف حمل ثلج. فلم يزل بداره إلى يوم السبت الخامس من شوّال سنة تسعين وثلاث مائة، فأذن له الحاكم في الرّكوب إلى القصر، وأن ينزل موضع نزول النّاس، فواصل الرّكوب إلى يوم الاثنين رابع عشره. فحضر عشيّة إلى القصر وجلس مع من حضر، فخرج إليه الأمر بالانصراف، فلمّا انصرف ابتدره جماعة من الأتراك وقفوا له فقتلوه واحتزّوا رأسه ودفنوه مكانه، وحمل الرأس إلى الحاكم، ثم نقل إلى تربته بالقرافة فدفن فيها.

وكانت مدّة حياته، بعد عزله إلى أن قتل، ثلاث سنين وشهرا واحدا وثمانية وعشرين (a) يوما (١). وهو من جملة وزراء الدّولة المصرية. وولي بعده برجوان، وقد مرّ ذكره (٢).

خطّ (b)


(a) في اتعاظ الحنفا: ثمانية عشر.
(b) من آياصوفيا: وبعدها على الهامش: بياض نحو ورقة وشيء.
(١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٣٦: ٢.
(٢) فيما تقدم ٧.