وهي التي يسمّيها السّلف الشّرطة (١)، وبعضهم يقول صاحب العسس. والعسس: الطّواف باللّيل لتتبّع أهل الرّيب، يقول: عسّ يعسّ عسّا وعسسا. وأوّل من عسّ باللّيل عبد اللّه ابن مسعود ﵁ أمره أبو بكر الصّديق ﵁ بعسّ المدينة.
خرّج أبو داود، عن الأعمش، عن زيد قال: أتى عبد اللّه بن مسعود فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال عبد اللّه: إنّا قد نهينا عن التّجسّس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به.
وذكر الثّعلبي عن زيد بن وهب أنّه قال: قيل لابن مسعود: هل لك في الوليد بن عقبة تقطر لحيته خمرا؟ فقال: إنّا قد نهينا عن التّجسّس، فإن ظهر لنا شيء نأخذ به.
وكان عمر بن الخطّاب ﵁ يتولّى في خلافته العسس بنفسه، ومعه مولاه أسلم ﵁، وربّما استصحب معه عبد الرحمن بن عوف.
قاعة الصّاحب (a) (٢).
وكانت وظيفة الوزارة أجلّ رتب أرباب الأقلام، لأنّ متولّيها ثاني السّلطان إذا أنصف وعرف حقّه؛ إلاّ أنّ ملوك الدّولة التّركيّة قدّموا رتبة النّيابة على رتبة (b) الوزارة، فتأخّرت الوزارة حتى قعد بها مكانها، ووليها في الدّولة التّركيّة أناس من أرباب السّيوف وأناس من أرباب الأقلام (٣)، فصار
(a) على هامش آياصوفيا: بياض عشرة أسطر. (b) ساقطة من بولاق. (١) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٥٩. (٢) لم يحدّد المقريزي، أو أي مصدر آخر، موقع قاعة الصّاحب من القلعة، ويوضّح لنا نصّ آخر للمقريزي في السلوك ٢٦: ٢، ٤٦ أنّها كانت مجاورة لدار النّيابة، التي كانت تقع تجاه الإيوان بالجانب الآخر من باب القلّة، أي بالجانب الذي يوجد داخل سور صلاح الدّين. (انظر كذلك ابن إياس: بدائع الزهور ٨٧: ٢/ ١، ١٩٣، ١٩٤، ٣٣٦). (٣) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٥٩. وعن الوزارة في العصر المملوكي البحري بصفة خاصّة، راجع Chapoutot-Remadi، M.، «Le vizirat sous les premiers Mamluks»، Actes du XXIX Congres International des Orientalistes- Etudes arabes et islamiques، Paris ١٩٧٥، I، pp. ٥٨ - ٦٢; id.، «Le vizirat en Egypte a l'epoque mamluke»، Revue Tunisienne de Sciences