للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حارة المحموديّة (a)

الصّواب في هذه الحارة أن يقال حارة المحموديّة على الإضافة، فإنّها عرفت بطائفة من طوائف عساكر (b) الدّولة الفاطمية كان يقال لها الطائفة المحموديّة. وقد ذكرها المسبّحيّ/ في تاريخه مرارا، قال في سنة (c): وفيها اقتتلت (d) الطائفة المحموديّة واليانسيّة.

واشتبه أمر هذه الحارة على ابن عبد الظّاهر فلم يعرف نسبتها لمن، وقال: لا أعلم في الدّولة المصرية من اسمه محمود إلاّ ركن الإسلام محمود بن أخت الصّالح بن رزّيك صاحب التّربة بالقرافة، اللّهم إلاّ أن يكون محمود بن مصال اللّكّي (e) الوزير، فقد ذكر ابن القفطي أنّ اسمه محمود، ومحمود صاحب المسجد بالقرافة، وكان في زمن السّريّ بن الحكم قبل ذلك (١).

وهذا وهم آخر، فإنّ ابن مصال الوزير اسمه سليمان (f) وينعت بنجم الدّين (٢).

ووقعت في هذه الحارة نكتة، قال القاضي الفاضل في «متجدّدات» سنة أربع وتسعين وخمس مائة، والسّلطان يومئذ بمصر الملك العزيز عثمان بن صلاح الدّين: وكان في شعبان قد تتابع أهل مصر والقاهرة في إظهار المنكرات وترك الإنكار لها، وإباحة أهل الأمر والنّهي فعلها، وتفاحش الأمر فيها إلى أن غلا سعر العنب لكثرة من يعصره.

وأقيمت طاحون بالمحموديّة لطحن حشيشة المزر وأفردت برسمه، وحمّيت بيوت المزر وأقيمت عليها الضّرائب الثّقيلة، فمنها ما انتهى أمره في كلّ يوم إلى ستة عشر دينارا، ومنع المزر البيتوتي ليتوفّر الشّراء من مواضع الحمي، وحملت أواني الخمر على رءوس الأشهاد وفي الأسواق من غير منكر، وظهر من عاجل عقوبة اللّه وقوف زيادة النّيل عن معتادها، وزيادة سعر الغلّة في وقت ميسورها (٣).


(a) بولاق: الحارة المحمودة.
(b) بولاق: عسكر.
(c) بياض في النسخ، وأثبتت بولاق تاريخا خاطئا: أربع وتسعين وخمس مائة!
(d) بولاق: اتصلت.
(e) بولاق: الملكى.
(f) المسودة: سليم.
(١) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٥٢؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٣٥١ - ٣٥٢؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٥٣: ٣.
ويدلّ على موقع الحارة المحمودية الآن المنطقة الواقعة شمال جامع المؤيّد على يسار الداخل من باب زويلة ويخترقها من الشرق إلى الغرب شارع الإشراقية وعطفة أحمد المحروقي وعطفة أمين بك.
(٢) انظر، ابن ميسر: أخبار مصر ١٤١، Canard، M.، El ٢ art.Ibn MasalI، p. ٨٩٢.
(٣) المقريزي: السلوك ١٤٢: ١.