أحد خدّام الخليفة الحاكم بأمر اللّه. خلع عليه في تاسع ربيع الآخر سنة اثنتين وأربع مائة وقلّده سيفا، وأعطاه سجلاّ قرئ فإذا فيه أنّه لقّب ب «قائد القوّاد»، وأمر أن يكتب بذلك ويكاتب به، وركب وبين يديه عشرة أفراس بسروجها ولجمها (١).
وفي ذي القعدة من السنة المذكورة، أنفذ إليه الحاكم خمسة آلاف دينار وخمسة وعشرين فرسا بسروجها ولجمها، وقلّده الشّرطتين والحسبة بالقاهرة ومصر والجيزة، والنّظر في أمور الجميع وأموالهم وأحوالهم كلّها، وكتب له سجلاّ بذلك قرئ بالجامع العتيق. فنزل إلى الجامع ومعه سائر العسكر والخلع عليه، وحمل على فرسين. وكان في سجلّه مراعاة أمر النّبيذ وغيره من المسكرات، وتتبّع ذلك والتّشديد فيه، وفي المنع من عمل الفقّاع وبيعه، ومن أكل الملوخيّة والسّمك الذي لا قشر له، والمنع من الملاهي كلّها، والتّقدّم بمنع النّساء من حضور الجنائز والمنع من بيع العسل، وألاّ يتجاوز في بيعه أكثر من ثلاثة أرطال لمن لا يسبق إليه ظنّه أن يتّخذ منه مسكرا. فاستمرّ ذلك إلى غرّة صفر سنة أربع وأربع مائة، فصرف عن الشّرطتين والحسبة بمظفّر الصّقلبي (b) (٢).
(a) بولاق: عين. (b) بولاق: الصقلي. - صار موضعه زاوية صغيرة بها ضريح الشّيخ الأباريقي ظاهر يزار؛ وقد بنى هذه الزّاوية الأمير علي باشا شريف ابن المرحوم شريف باشا أحد أمراء الدولة المحمدية العلوية. وعند ما نبش هذا الأمير الأرض ليأخذ منها التّراب ليرفع به أرض بستانه، وجد كثيرا من قطع الرّخام ووجد حيضانا مبنية ومجاري وغير ذلك، ممّا يدلّ على أن جامع غبن الأوّل كان في هذا الموضع؛ وأنّ ما عمّر منه هو الجزء الذي فيه فقط ضريح الأباريقي. وهو الآن زاوية صغيرة بشارع محمد ذو الفقار بالمنيل غرب كوبري الملك الصّالح. (علي مبارك: الخطط التوفيقية ١٢: ١٨؛ سعاد ماهر: مساجد مصر ١٠٠: ٢ - ١٠١). (١) غبن: «أستاذ الأستاذين قائد القوّاد غبن مولى أمير المؤمنين الحاكم بأمر اللّه، صلوات اللّه عليه وعلى آبائه الطّاهرين». هكذا وردت ألقابه كاملة على طبق من الخزف محفوظ بمتحف الفنّ الإسلامي بالقاهرة (حسن الباشا: «طبق من الخزف باسم (غبن) مولى الحاكم بأمر اللّه»، مجلة كلية الآداب - جامعة القاهرة ١٨ (١٩٥٦)، ٨٤؛ عبد الرؤوف علي يوسف: «طبق غبن والخزف الفاطمي المبكّر»، مجلة كلية الآداب - جامعة القاهرة ١٨ (١٩٥٦)، ٨٧ - ١٠٦؛ وراجع كذلك المسبحي: أخبار مصر ٧٨، يحيى ابن سعيد: تاريخ الأنطاكي ٣٠٩، ٣١٠؛ ابن الصيرفي: الإشارة إلى من نال الوزارة ٦٨؛ ابن دقماق: الانتصار ١١٥: ٤؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٨٩: ٢، ٩١، ٩٤، ١٠٠، ١٠١، ١٠٢). (٢) راجع فيما تقدم ١٣٨ - ١٤٠ نواهي الحاكم.