ابن الصّاحب بهاء الدّين عليّ بن حنّا عمارة هذا الجامع في هذه البقعة لقربه منه. فعمّره في شعبان سنة ثلاث وتسعين وستّ مائة، لكنّه هدم بسببه عدّة مساجد (١).
وعرف هذا الجامع في زمننا هذا بالشّيخ (a)) شمس الدّين (a) محمد بن اللّبّان الشّافعي لإقامته فيه. وأدركناه عامرا، وقد تعطّلت (b) منه في هذه المحن إقامة الجمعة والجماعة، لخراب ما حوله وبعد البحر عنه.
الجامع الطّيبرسي
/ هذا الجامع عمّره الأمير علاء الدّين طيبرس الخازندار نقيب الجيوش، بشاطئ النّيل في أرض بستان الخشّاب، وعمّر بجواره خانقاه في جمادى الأولى سنة سبع وسبع مائة (٢). وكان من أحسن متنزّهات مصر وأعمرها (٣).
وقد خرب ما حوله في الحوادث والمحن التي بعد سنة ستّ وثمان مائة، بعد ما كانت العمارة متّصلة منه إلى الجامع الجديد بمصر، ومنه إلى الجامع الخطيري ببولاق، ويركب النّاس المراكب للفرجة من هذا الجامع إلى الجامعين المذكورين مصعدين ومنحدرين في النّيل، ويجتمع بهذا الجامع النّاس للنّزهة، فيمرّ به أوقات ومسرّات لا يمكن وصفها. وقد خرب هذا الجامع وأقفر (a)) من السّاكن والوارد وانحسر ماء النّيل من أمامه وهدم ما حوله (a) من المساكن (٤)، وصار مخوفا بعد ما كان ملهى وملعبا، ﴿سُنَّةَ اَللّهِ فِي اَلَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾ [الآية ٣٨ سورة الأحزاب].
ولطيبرس هذا المدرسة الطّيبرسيّة بجوار الجامع الأزهر من القاهرة (٥).
(a-a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: انقطعت. (١) ابن دقماق: الانتصار ٧٨: ٤. (٢) فيما يلي ٧٩٢. (٣) النّصّ في المسوّدة ١٣٦ ظ: «وهو أوّل من عمّر في أرض بستان الخشّاب على شطّ البحر، فبني به الجامع والخانقاه وحوض ماء للسّبيل، ورتّب فيه درسا». (٤) النّصّ في المسوّدة ١٣٦ و: «قال كاتبه: أدركنا هذا الجامع والخانقاه وبجوارهما الحمّام والوكالة والرّبعان الكبيران، وهي عامرة كلّها مأهولة بكثرة النّاس، والعمارة متّصلة منه إلى الجامع الخطيري ببولاق. وكان بحر النّيل تحته دائما وللنّاس ترداد كبير واجتماعات عظيمة فيه وفيما حوله، ثم خرب ذلك كلّه بعد سنة ستّ وثمان مائة وخلا من السّاكن». (٥) أورد المقريزي هنا في المسوّدة ترجمة الأمير طيبرس الخازندار، بينما جاءت في المبيّضة فيما يلي ٥٣٨ - ٥٤٠ عند ذكر المدرسة الطّيبرسيّة.