هي المدرسة الكبرى التي لم تكمل عمارتها على الصّوّة مقابل باب القلعة على رأس سويقة المشبّب (١) والتّبّانة. كان السّلطان الشّهيد الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون - رحمه اللّه تعالى - قد أمر بعمارتها (٢)، وأراد أن يجعلها مضاهية لمدرسة السّلطان حسن (٣). فشرع في عمارتها ونقل إليها الرّخام المثمّن، وبنى بها هذه البوّابة - التي هي من الحجارة الصّوّان العظيمة الجافية - وكانت قد وجدت في بعض المباني القديمة فنقلت إلى القاهرة وجعل الحجر الواحد في الرّكن الأيمن والحجر الثّاني في الرّكن الأيسر والحجر الثالث عتبة للباب من علوّه.
وجعل بها قبّتان وبنى بها الإيوان الكبير وعقد قبوه الذي هو أوسع من قبو مدرسة السّلطان حسن، وغرم فيها جملة عظيمة من الأموال.
ثم سافر السّلطان الملك الأشرف إلى الحجاز الشّريف (٤)، ورجع من الطريق من عقبة أيلة حين
(١) انظر هـ ٤ صفحة ٦٥٨. (٢) بدأ في عمارتها في خامس عشر صفر سنة ٧٧٧ هـ/ ١٣٧٥ م، وشرع في هدم بيت الأمير شمس الدّين سنقر الجمالي ليضيفه إليها، ونقل إليها عمودان عظيمان وجدا في بيت خوند تتر الحجازية (فيما تقدم ٢٣١: ٣ - ٢٣٢) عمّة السّلطان، وكان المشدّ عليها أينبك. (المقريزي: السلوك ٢٥١: ٣؛ ابن حجر: إنباء الغمر ١٠٣: ١؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٦٧: ١١؛ ابن إياس: بدائع الزهور ١/ ١٥٣: ٢ - ١٥٤، ١٨٣). (٣) ذكر أبو المحاسن أنّه ضاهى بها مدرسة عمّه السّلطان الملك الناصر حسن التي بالرّميلة تجاه قلعة الجبل. (النجوم الزاهرة ١٢٣: ١٣). وتحتفظ دار الكتب المصرية (تحت رقم ١٠ مصاحف) بالمصحف الذي وقفه الأشرف شعبان على هذه المدرسة وعليه وقفية نصّها: «وقف مولانا المقام الأعظم الشّريف السّلطان المالكي الملكي الأشرفي أبو المظفّر شعبان بن حسين ولد المقام الشّريف الشّهيد المرحوم مولانا السّلطان المالك الملك الناصر محمد ابن مولانا السّلطان الملك المنصور قلاوون الصّالحي تغمّدهما اللّه برحمته، جميع هذا المصحف الكريم وقفا صحيحا شرعيّا تقرّبا إلى ربّه ﷿ وشرط أن يكون مقرّه والقراءة فيه بالخانقاه والمدرسة والجامع الأشرفي المعروف بإنشاء المقام الشّريف بالصّوّة تجاه القلعة المنصورة بالقاهرة المحروسة، وشرط النظر فيه لنفسه أيّام حياته ثم بعده للناظر في أمر الخانقاه بتاريخ شهر اللّه المحرّم سنة ثمان وسبعين وسبع مائة». وهذا المصحف كتبه علي بن محمد المكتب الأشرفي خامس عشر شهر اللّه المحرّم سنة أربع وسبعين وسبع مائة. (James، D.، Qur'ans of the Mamluks، p. ٢٣٢)