للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت العادة أن تعدّ للسّلطان أيضا خلعة العيد، على أنّه يلبسها كما كانت العادة في أيّام الخلفاء، فينعم بها على بعض أكابر أمراء المئين. ولم يزل الحال على هذا إلى أن كانت سنة ثمان مائة، فصلّى الملك الظّاهر برقوق صلاة عيد النّحر بجامع القلعة لتخوّفه بعد واقعة (a) الأمير آل بيه (b)، فهجر الميدان. واستمرّت صلاة العيد بجامع القلعة من عامئذ طول الأيّام النّاصريّة والمؤيّديّة.

الحوش (c)) خارج باب القرافة (c)

ابتديء العمل فيه على أيّام الملك النّاصر محمد بن قلاوون في سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة.

وكان قياسه أربعة فدادين، وكان موضعه بركة عظيمة قد قطع ما فيها من الحجر لعمارة قاعات القلعة حتى صارت غورا كبيرا (d). ولمّا شرع في العمل رتّب على كلّ أمير من أمراء المئين مائة رجل ومائة بهيمة لنقل التراب برسم الرّدم، وعلى كلّ أمير من أمراء الطّبلخاناه بحسبه. وندب الأمير آقبغا عبد الواحد شادّا لعمل ذلك (e)، فحضر من عند كلّ من الأمراء أستادّاره ومعه جنده ودوابّه للعمل، وأحضر الأسارى، وسخّر والي القاهرة ووالي مصر النّاس (f)، وأحضرت رجال النّواحي، وجلس أستادّار كلّ أمير في خيمة، ووزّع العمل عليهم بالأقصاب.

ووقف الأمير آقبغا يستحثّ النّاس في سرعة العمل، وصار الملك النّاصر يحضر في كلّ يوم بنفسه. فنال النّاس من العمل ضرر زائد، وأخرق آقبغا بجماعة من أماثل النّاس، ومات كثير من الرّجال في العمل، لشدّة العسف وقوّة الحرّ، وكان الوقت صيفا. فانتهى عمله في ستّة وثلاثين يوما.

وأحضر إليه من بلاد الصّعيد ومن الوجه البحري ألفي رأس غنم، وكثيرا من الأبقار البلق لتوقف في هذا الحوش، فصار مراح غنم ومربط بقر، وأجرى الماء إلى


(a) بولاق: وقعة.
(b) بولاق: علي باي.
(c-c) إضافة من مسودة الخطط.
(d) مسودة الخطط: عظيما.
(e) بولاق: شاد العمل، والمثبت من مسودة الخطط.
(f) مسودة الخطط: وأخذ والي القاهرة يسخّر من ظفر به من الحرافيش.