للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال القاضي أبو الحسن في كتاب «المنهاج»: خراج مصر قد ضرب على قصبة في المساحة اصطلح عليها، زرع المزارع على حكمها. وتكسير الفدّان أربع مائة قصبة، لأنّه عشرون قصبة طولا في عشرين قصبة عرضا. وقصبة المساحة تعرف بالحاكميّة، وهي تقارب خمسة أذرع بالنّجّاري (١).

[ذكر أقسام مال مصر]

اعلم أنّ مال مصر في زمننا ينقسم قسمين: أحدهما يقال له: «خراجي»، والآخر يقال له:

«هلالي». ف «المال الخراجيّ» ما يؤخذ مسانهة من الأراضي التي تزرع حبوبا ونخلا وعنبا وفاكهة، وما يؤخذ من الفلاّحين هدية مثل الغنم والدّجاج والكشك وغيره من طرف الرّيف.

و «المال الهلاليّ» عدّة أبواب، كلّها أحدثها ولاة السّوء شيئا بعد شيء.

وأصل ذلك في الإسلام أنّ أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب بلغه أنّ تجّارا من المسلمين يأتون بأرض الهند (a) فيأخذون منهم العشر، فكتب إلى أبي موسى الأشعري وهو على البصرة: أن خذ من كلّ تاجر يمرّ بك من المسلمين من كلّ مائتي درهم خمسة دراهم، وخذ من كلّ تاجر من تجّار العهد - يعني أهل الذّمّة - من كلّ عشرين درهما درهما، ومن تجّار الحرب من كلّ عشرة دراهم درهما.

وقيل لابن عمر: كان عمر يأخذ من المسلمين العشر؟ قال: لا. ونهى عمر بن عبد العزيز عن ذلك، وكتب: ضعوا عن الناس هذه المكوس، فليس بالمكس ولكنّه النّجش. وروي أنّ عمر بن الخّطّاب أتاه ناس من أهل الشّام، فقالوا: أصبنا دوابّا وأموالا فخذ منها صدقة تطهّرنا بها؛ فقال: كيف أفعل ما لم يفعل من كان قبلي؟ وشاور؛ فقال عليّ بن أبي طالب : لا بأس به إن لم يأخذه من بعدك. فأخذ عن العبد عشرة دراهم وكذلك عن الفرس، وعن الهجين ثمانية، وعن البرذون والبغل خمسة.

وأوّل من وضع على الحوانيت الخراج في الإسلام أمير المؤمنين أبو عبد اللّه محمد بن أبي جعفر المنصور في سنة سبع وستين ومائة، وولي ذلك سعيد الجرشي.


(a) بولاق: أرض الجند.
(١) قارن مع ابن ممّاتي: قوانين ٢٧٩، وهذه الفقرة موجودة في بولاق وغير موجودة في النسخ التي اطّلعت عليها.