للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأوّل من أحدث مالا سوى مال الخراج بمصر، أحمد بن محمد بن مدبّر - لمّا ولي خراج مصر بعد سنة خمسين ومائتين - فإنّه كان من دهاة الناس وشيّاطين الكتّاب؛ فابتدع في مصر بدعا صارت مستمرّة من بعده لا تنقض، فأحاط بالنّطرون وحجر عليه بعد ما كان مباحا لجميع الناس، وقرّر على الكلأ الذي ترعاه البهائم مالا سمّاه «المراعي»، وقرّر على ما يطعم اللّه من البحر مالا وسمّاه «المصايد»، إلى غير ذلك. فانقسم من حينئذ مال مصر إلى «خراجي» و «هلاليّ»، وعرف المال الهلالي لعهدئذ ب «المرافق والمعاون» (a) (١).

فلمّا ولي الأمير أبو العبّاس أحمد بن طولون إمارة مصر، وأضاف إليه أمير المؤمنين المعتمد على اللّه/ الخراج والثّغور الشّاميّة، رغب وتنزّه على أدناس المعاون والمرافق، وكتب بإسقاطها في جميع أعماله، وكانت تبلغ بمصر خاصّة مائة ألف دينار في كلّ سنة؛ وله في ذلك خبر فيه أكبر معتبر، قد ذكرته عند ذكر أخبار الجامع الطّولوني من هذا الكتاب (٢).

ثم أعيدت الأموال الهلالية في أثناء الدّولة الفاطمية عندما ضعفت، وصارت تعرف ب «المكوس» واحدها مكس.

فلمّا استبدّ السّلطان النّاصر صلاح الدين أبو المظفّر يوسف بن أيّوب بملك مصر، أمر بإسقاط مكوس مصر والقاهرة، فكتب عنه القاضي الفاضل مرسوما بذلك؛ وكان جملة ذلك في كلّ سنة مائة ألف دينار، تفصيلها: مكس البهار وعمالته: ثلاثة وثلاثون ألفا وستّ مائة (b) وأربعة وستون دينارا. مكس البضائع والقوافل وعمالتها: تسعة آلاف وثلاث مائة وخمسون دينارا.

منفلت الصّناعة، عن مكس البزّ الوارد إليها والنّحاس والقصدير والمرجان والمفاضلات: خمسة آلاف ومائة وثلاثة وتسعون دينارا. الصّادر عن الصّناعة بمصر: ستة آلاف وستّ مائة وستة وستون دينارا. سمسرة التّمر: ثلاث مائة دينار. الفندق بالمنية عن مكس البضائع: ثمان مائة دينار وستة وخمسون دينارا. رسوم دار القند (٣): ثلاثة آلاف ومائة وثمانية دنانير. رسوم الخشب الطّويل والملح: ستّ مائة وستة وسبعون دينارا. رسوم الفلت [كذا] المنسوبة إلى بلبيس


(a) بولاق: وكان الهلالي يعرف في زمنه وما بعده بالمرافق والمعاون.
(b) بولاق: ثلاث مائة.
(١) انظر، البلوي: سيرة أحمد بن طولون ٧٤ - ٧٦؛ ابن سعيد: المغرب في حلى المغرب ٨٥ - ٨٦؛ وفيما يلي ٢٨٩.
(٢) فيما يلي ٢٦٦: ٢ - ٢٦٧.
(٣) انظر عن دار القند، ابن دقماق: الانتصار ٦: ٤.