اعلم أنّ الجفار (١) اسم لخمس مدائن وهي: الفرما، والبقّارة، والورّادة، والعريش، ورفح.
والجفار كلّه رمل، وسمّي بالجفار لشدّة المشي فيه على النّاس والدّواب، من كثرة رمله وبعد مراحله. والجفار تجفر فيه الإبل (٢)، فاتّخذ له هذا الاسم، كما قيل للحبل الذي يهجر به البعير هجّار، وللّذي يحجر به حجّار، وللّذي يعقل به عقّال، وللّذي يبطن به بطّان، وللّذي يخطم به خطّام، وللّذي يزم به زمّام.
واشتقّت البقّارة من البقر، والورّادة من الوريد (a)، والعريش أخذ من العرش، وقيل إنّ رفح اسم جبل (٣). وكان يسكن الجفار في القديم جذام بن العربان.
ويقال إنّ أرض الجفار كانت في الدّهر الأوّل والزّمن الغابر متّصلة العمارة، كثيرة البركات، مشهورة بالخيرات، لكثرة زراعة أهلها الزّعفران والعصفر وقصب السّكّر. وكان ماؤها غزيرا عذبا، ثم صار بها نخل يحدق بها من كلّ النّواحي، إلى أن دمّرها اللّه تدميرا، فصارت إلى اليوم ذات رمل عظيم يسلك فيه إلى العريش وإلى رفح، كلّه قفر، يعرف بعضه (b) برمل الغرابي، قليل الماء، عديم المرعى، لا أنيس به، فسبحان محيل الأحوال.
[ذكر صعيد مصر]
الصّعيد (٤): المرتفع من الأرض، وقيل الأرض المرتفعة من الأرض المنخفضة، وقيل ما لم يخالطه رمل ولا سبخة، وقيل هو وجه الأرض، وقيل الأرض الطّيّبة، وقيل هو كلّ تراب طيّب.
(a) في مسالك الأبصار مصدر الخبر: الورود. (b) بولاق: تعرف بقيته. (١) من كور مصر الشرقية، ذكر ياقوت أنها جمع جفر نحو فرخ وفراخ، وهي سعة في الأرض مستديرة، والجفر كذلك البئر القريبة القعر الواسعة. مكانها اليوم المنطقة التي كانت تمرّ بها السكة الحديدية الموصلة من القنطرة إلى العريش ثم إلى رفح في محافظة شمال سيناء، وكانت تمتد غربا إلى عزبة تلّ المسخوطة بأراضي ناحية أبو صوير بمركز أبو حمّاد بمحافظة الشرقية على بعد ١٦ كم غربي مدينة الإسماعيلية (ياقوت: معجم البلدان ١٤٤: ٢ - ١٤٦؛ محمد رمزي: القاموس الجغرافي ٤١: ١ - ٤٢). (٢) تجفر أي تهلك. (٣) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار (ممالك مصر والشام) ٩٤ - ٩٥. (٤) انظر مقال جارسان Garcin، J. -CI.، El ٢? art.Sac? i? d، Misr VIII، pp. ٨٩٢ - ٩٧ و Maspero & Wiet،.Materiaux I، pp. ١٧٣ - ٧٩