العمل فيه وأعطاهم أجورهم، وجعل فيه خطبة وعشرين صوفيّا، وأقام الشيخ أكمل الدّين محمد ابن محمود الرّومي الحنفي شيخهم (١). ثم لمّا عمّر الخانقاه تجاه الجامع، نقل حضور الأكمل والصّوفية إليها، وزاد عدّتهم (٢). وهذا الجامع من أجلّ جوامع ديار مصر.
الأمير شيخو الكبير سيف الدّين
الأمير الكبير سيف الدّين، أحد مماليك النّاصر محمد بن قلاوون، حظي عند الملك المظفّر حاجي بن محمد بن قلاوون، وزادت وجاهته حتى شفّع في الأمراء، وأخرجهم من سجن الإسكندرية. ثم إنّه استقرّ في أوّل دولة الملك النّاصر حسن أحد أمراء المشورة (٣).
= (فيما يلي ٧٦٠ - ٧٦٤)، ويفصل بينهما شارع شيخون الذي يربط بين صليبة ابن طولون وميدان صلاح الدّين تحت قلعة الجبل. ويدل على تاريخ بناء هذا الجامع طراز من النّسخ المملوكي في واجهة المسجد نصّه: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ﴿إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اَللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَاَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ﴾. وكان الفراغ من ذلك الجامع في شهر رمضان المعظّم سنة خمسين وسبع مائة». van) Berchem، M.، CIA Egypte I، n ٠ ١٥٦; Wiet، G.، (RCEA XVI، n ٠ ٦٠٨٨. والجامع يشتمل على صحن مفروش بالرّخام الملوّن يحيط به أربعة إيوانات بكل من الشّرقي والغربي منها رواقان، أمّا القبلي والبحري فكل منهما رواق واحد صغير قصد بهما إيجاد التماثل فقط. ومنبر الجامع ودكّة المبلّغ به مبنية من الحجر، وأنشئت دكّة المبلّغ في تاريخ متأخّر، فمكتوب عليها ما نصّه: «أنشأ هذه الدّكّة المباركة الحاج محمد بن شعبان بن سعيد النّقلي، غفر اللّه لهم وللمسلمين. وكان الفراغ من ذلك في شهر صفر سنة أحد وستين وتسع مائة»، وهي أوّل دكّة حجرية في الجوامع المصرية، إذ المألوف أن تكون رخامية أو خشبية، والمرجّح أنّه هو الآمر بعمل هذا المنبر أيضا الذي يعتبر ثاني منبر حجري (والأوّل هو المنبر الذي أنشأه السّلطان قايتباي لخانقاه فرج بن برقوق بصحراء المماليك سنة ٨٨٨ هـ/ ١٤٨٣ م). وقامت لجنة حفظ الآثار العربية بين سنتي ١٩٣١ - ١٩٣٣ م بإصلاح منبر الجامع وكرسي المصحف والمحراب وشبابيكه الجصّيّة، وتقويم عمد وجدران الإيوان الغربي وإصلاح أرضيته الرّخامية. وقد تأثر الجامع بشدّة بزلزال أكتوبر سنة ١٩٩٢ م، وتجري به الآن أعمال صلب وصيانة وترميم. (راجع، أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٦٩: ١٠ هـ ١؛ علي مبارك: الخطط التوفيقية ٨٣: ٥ - ٨٤؛ حسن عبد الوهاب: تاريخ المساجد الأثرية ١٥٧ - ١٥٩؛ سعاد ماهر: مساجد مصر ٢٤٩: ٣ - ٢٥٨؛ وانظر كذلك، سعاد محمد حسنين: أعمال الأمير شيخو العمري الناصري المعمارية بالقاهرة، رسالة ماجستير بآداب القاهرة ١٩٧٦؛ عاصم محمد رزق: أطلس العمارة الإسلامية ٩٧١: ٢ - ٩٨٧). (١) المقريزي: السلوك ٨٦٤: ٢. (٢) فيما يلي ٧٦٠ - ٧٦٢. (٣) انظر ترجمة الأمير شيخو العمري كذلك عند، الصّفدي: أعيان العصر ٥٣١: ٢ - ٥٣٦، الوافي بالوفيات ٢١١: ١٦ - ٢١٢؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ٢٠٤: ٣؛ المقريزي: السلوك ٣٣: ٣؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٢٩٣: ٢ - ٢٩٤؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٢٤: ١٠، المنهل الصافي ٢٥٧: ٦ - ٢٦٢.