عندما انتهيت من كتابة أطروحة دكتوراه الدّولة التي تقدّمت بها إلى جامعة باريس سنة ١٩٨٦، وكان موضوعها «عاصمة مصر حتّى نهاية العصر الفاطمي (القاهرة والفسطاط) - دراسة في إعادة تخطيطها»، ذكرت في نهاية مقدّمتها أنّه «لاستكمال الثّغرات الموجودة في دراسة تاريخ العاصمة المصرية يجب أن يدرس تطوّر المدينة بطريقة مفصّلة منذ العصر الأيّوبي وحتى عصر المقريزي في أواسط القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، ثم استكمال هذه الدّراسة ابتداء من هذا التّاريخ وحتّى عصر الحملة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، ثم إلى عصر عليّ مبارك بعد ذلك بقرن من الزّمان». وذكرت أنّ هذا المشروع الطّموح لا يمكن أن يتحقّق إلاّ بتوافر شروط ثلاثة:
١ - إخراج تحقيق علمي كامل مع شروح وتعليقات لمؤلّف المقريزي الرئيس «المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار»، ولكتاب «الانتصار لواسطة عقد الأمصار» لابن دقماق، وكذلك كتب «الزّيارات» التي وصلت إلينا.
٢ - مطابقة خرائط القاهرة التاريخية التي رسمتها الحملة الفرنسية سنة ١٧٩٨ م وجراند بك Grand Bek سنة ١٨٧٤ م، وماكس هرتس باشا Max Herz Pacha سنة ١٩١٦، ومصلحة المساحة المصرية سنة ١٩٥١ م معا من ناحية، ثم مطابقة ذلك مع خريطة حديثة للقاهرة من ناحية أخرى لمعرفة التّغييرات التي طرأت على شكل العاصمة طوال قرنين من الزّمان.
٣ - تحديث التّعليقات الغنيّة التي كتبها المرحوم محمد رمزي بك في هوامش «النّجوم الزّاهرة» لأبي المحاسن يوسف بن تغري بردي والتي حدّد فيها المواضع والعمائر التي ذكرها أبو المحاسن