وكان مؤذّن هذا الجامع في أيّام المستنصر ابن بقاء المحدّث ابن بنت عبد الغني بن سعيد الحافظ.
ثم جدّدت عمارة هذا الجامع بعد حريقه، وأدركته لمّا كانت القرافة الكبرى عامرة بسكنى السّودان التّكاررة، وهو مقصود للبركة. فلمّا كانت الحوادث والمحن في سنة ستّ وثمان مائة قلّ السّاكن بالقرافة، وصار هذا الجامع طول الأيّام مغلوقا، وربّما أقيمت فيه الجمعة.
[جامع الجيزة]
بناه محمد بن عبد اللّه الخازن (١) في المحرّم سنة خمسين وثلاث مائة بأمر الأمير علي بن عبد اللّه ابن الإخشيد. فتقدّم كافور إلى الخازن ببنائه، فإنّه كان قد هدمه النّيل، وسقط في سنة أربعين وثلاث مائة، وعمل له مستغلاّ. وكان النّاس قبل ذلك بالجيزة يصلّون الجمعة في مسجد همدان، وهو مسجد مراحق (a) بن عامر بن بكيل، وقيل إنّ عقبة بن عامر في إمرته على مصر أمرهم أن يجمعوا فيه.
قال التّميمي: وشارف بناء جامع الجيزة مع أبي بكر الخازن أبو الحسن بن أبي جعفر الطّحاوي، واحتاجوا إلى عمد للجامع، فمضى الخازن في اللّيل إلى كنيسة بأعمال الجيزة، فقلع عمدها ونصب بدلها أركانا، وحمل العمد إلى الجامع، فترك أبو الحسن بن الطّحاوي الصّلاة فيه مذ ذاك تورّعا.
قال التّميمي: وقد كان - يعني ابن الطّحاوي - يصلّي في جامع الفسطاط القديم، وبعض عمده أو أكثرها ورخامه من كنائس الإسكندرية وأرياف مصر، وبعضه بناء قرّة بن شريك عامل الوليد بن عبد الملك (٢).
(a) بولاق: مزاحف. (١) أبو بكر محمد بن عبد اللّه الخازن ومتولّي الصّناعة، المتوفى لخمس خلون من ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة. (المقريزي: المقفى الكبير ١٣٧: ٦ - ١٣٨). (٢) ابن دقماق: الانتصار ١٢٧: ٤ (نفس النّصّ)، وبقيّة الخبر عند ابن دقماق: «ثم جدّده الأفضل أمير الجيوش في سنة [بياض]. وكان موضع هذا المسجد براحا فأرادوا أن يبنوا فيه مستغلاّت فكبر ذلك على أهل الجيزة وخاطبوا فيه كافور فبناه مسجدا، واللّه أعلم».