للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة تسع وسبعين، وأنعم عليه بالفيّوم وأعمالها مع القايات (١) وبوش (٢)، وأبقى عليه مدينة حماة.

ثم خرج بعساكر مصر إلى السّلطان، وهو بدمشق، في سنة ثمانين لأجل أخذ الكرك من الفرنج فسار إليها وحصرها مدّة، ثم رجع مع السّلطان إلى دمشق، وعاد إلى القاهرة في شعبان، وقد أقام السّلطان على مملكة مصر/ ابنه الملك العزيز عثمان، وجعل الملك المظفّر كافلا له وقائما بتدبير دولته، فلم يزل على ذلك إلى جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين، فصرف السّلطان أخاه الملك العادل عن حلب وأعطاه نيابة مصر؛ فغضب الملك المظفّر، وعبر بأصحابه إلى الجيزة يريد المسير إلى بلاد المغرب واللحاق بغلامه بهاء الدّين قراقوش التّقوي. فبلغ السّلطان ذلك فكتب إليه، ولم يزل به حتى زال ما به وسار إلى السّلطان، فقدم عليه دمشق في ثالث عشرين شعبان، فأقرّه على حماة والمعرّة ومنبج وأضاف إليه ميّافارقين، فلحق به أصحابه ما خلا مملوكه زين الدّين بوزيا، فإنه سار إلى بلاد المغرب.

وكانت له في أرض مصر وبلاد الشّام أخبار وقصص، وعرفت له مواقف عديدة في الحرب مع الفرنج، وآثار في المصافات. وله في أبواب البرّ أفعال حسنة، وله بمدينة الفيّوم مدرستان:

إحداهما للشّافعيّة، والأخرى للمالكيّة. وبنى مدرسة بمدينة الرّها، وسمع الحديث من السّلفي وابن عوف.

وكان عنده فضل وأدب، وله شعر حسن، وكان جوادا شجاعا مقداما، شديد البأس، عظيم الهمّة، كثير الإحسان. ومات في نواحي خلاط ليلة الجمعة تاسع شهر رمضان سنة سبع وثمانين وخمس مائة، ونقل إلى حماة، فدفن بها في تربة بناها على قبره ابنه الملك المنصور محمد.

[مدرسة العادل]

هذه المدرسة بخطّ السّاحل بجوار الرّبع العادلي من مدينة مصر الذي وقف على الشّافعيّ (a).

عمّرها الملك العادل أبو بكر بن أيّوب، أخو السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب، فدرّس بها


(a) عند ابن دقماق: الوقف على مصالح قبّة الإمام الشّافعي.
(١) القايات. من القرى القديمة أحد أعمال البهنساوية بمركز مغاغة محافظة المنيا. (محمد رمزي: القاموس الجغرافي ٢٤٥: ٣/ ٢).
(٢) بوش. من القرى القديمة تقع غربي النيل بمسافة ثلاثة كيلومترات، وهي من قرى مركز بني سويف بمحافظة بني سويف. (محمد رمزي: القاموس الجغرافي ١٥٨: ٣/ ٢).