للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزّربيّة، خرب ما عمّر بأرض هذا البستان من الدّور منذ سنة ستّ وثمان مائة (a) (١).

[ميدان بركة الفيل]

هذا الميدان كان مشرفا على بركة الفيل قبالة الكبش (٢)، وكان أوّلا اسطبل الجوق برسم خيول المماليك السّلطانية، إلي أن جلس الأمير زين الدّين كتبغا على تخت الملك، وتلقّب بالملك العادل بعد خلعه الملك النّاصر محمّد بن قلاوون في المحرّم سنة أربع وتسعين وستّ مائة. فلمّا دخلت سنة خمس وتسعين، كان النّاس في أشدّ ما يكون من غلاء الأسعار/ وكثرة الموتان، والسّلطان خائف على نفسه، ومتحرّز من وقوع فتنة، وهو مع ذلك ينزل من قلعة الجبل إلى الميدان الظّاهري بطرف اللّوق. فحسن بخاطره أن يعمل اسطبل الجوق المذكور ميدانا عوضا عن ميدان اللّوق، وذكر ذلك للأمراء فأعجبهم ذلك، فأمر بإخراج الخيل منه، وشرع في عمله ميدانا.

وبادر النّاس من حينئذ إلى بناء الدّور بجانبه. وكان أوّل من أنشأ هناك الأمير علم الدّين سنجر الخازن، في الموضع الذي عرف اليوم بحكر الخازن (٣)، وتلاه النّاس في العمارة والأمراء. وصار السّلطان ينزل إلى هذا الميدان من القلعة، فلا يجد في طريقه أحدا من النّاس سوى أصحاب الدّكاكين من الباعة، لقلّة النّاس وشغلهم بما هم فيه من الغلاء والوباء.

ولقد رآه شخص من النّاس، وقد نزل إلى الميدان والطّرقات خالية، فأنشد ما قيل في الطّبيب ابن زهر:

[المنسرح]

قل للغلا أنت وابن زهر … بلغتما الحدّ والنّهايه

ترفّقا بالورى قليلا … في واحد منكما كفايه


(a) بياض في هامش آياصوفيا.
(١) المقريزي: مسودة الخطط ٦٠ ظ.
(٢) ورد هذا الميدان على خريطة القاهرة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية سنة ١٧٩٨ باسم «وسعة بركة الفيل» Q-r-) (٩، ١٦، ويدلّ على موضعه الآن المنطقة المعروفة بالحوض المرصود بالسيدة زينب على يسار الداخل من شارع محمد قدري. (انظر فيما تقدم ٢٢١؛ محمد الششتاوي: ميادين القاهرة ٩١ - ٩٢).
(٣) فيما تقدم ٤٤٨.