للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دار المظفّر

هذه الدّار كانت بحارة برجوان، أنشأها أمير الجيوش بدر الجمالي وسكنها (a) إلى أن مات.

فلمّا ولي الوزارة من بعده ابنه الأفضل بن أمير الجيوش وسكن دار القباب التي عرفت بدار الوزارة - وقد تقدّم ذكرها - صار أخوه المظفّر أبو محمد جعفر بن أمير الجيوش بهذه الدّار فعرفت به، وقيل لها دار المظفّر، وصارت من بعده دار الضّيافة كما مرّ في هذا الكتاب (١).

وآخر ما أعرفه أنّها كانت ربعا وحمّاما وخرائب، فسقط الرّبع بعد سنة سبعين وسبع مائة، وكانت الحمّام قد خربت قبل ذلك، فلم تزل خرابا إلى سنة ثمان وثمانين وسبع مائة. فشرع قاضي القضاة شمس الدّين محمد بن أحمد بن أبي بكر الطّرابلسي الحنفي (٢) في عمارتها، فلمّا حفر أساس جداره القبلي، ظهر تحت الرّدم عتبة عظيمة من حجر صوّان مائع يشبه أن يكون عتبة دار المظفّر. وكان الأمير جهاركس الخليلي إذ ذاك يتولّى عمارة المدرسة التي أنشأها الملك الظّاهر برقوق بخطّ بين القصرين، فبعث بالرّجال لهذه العتبة وتكاثروا على جرّها إلى العمارة، فجعلها في المزمّلة التي تشرب منها النّاس الماء بدهليز المدرسة الظّاهرية (٣).

وكمّل قاضي القضاة شمس الدّين بناء داره حيث كانت دار المظفّر، فجاءت من أحسن دور القاهرة، وتحوّل إليها بأهله، وما زال فيها حتى مات بها - وهو متقلّد وظيفة قضاء/ القضاة الحنفيّة بالدّيار المصرية - في ليلة السبت الثّامن عشر من ذي الحجّة سنة تسع وتسعين وسبع مائة، وله من العمر سبعون سنة وأشهر.

ومولده بطرابلس الشّام، وأخذ الفقه على مذهب أبي حنيفة عن جماعة من أهل طرابلس، ثم خرج منها إلى دمشق، فقرأ على صدر الدّين محمد بن منصور الحنفي، ووصل إلى القاهرة وقاضي الحنفيّة بها قاضي القضاة جمال الدّين عبد اللّه التّركماني، فلازمه


(a) ساقطة من بولاق.
(١) فيما تقدم ٤٣٨: ٢ - ٤٣٩، ٥٠٨ - ٥٠٩؛ المقريزي: مسودة المواعظ ١٣٣، وفيما تقدم ١٥٦.
(٢) انظر ترجمته عند، المقريزي: السلوك ٨٨٥: ٣؛ ابن حجر: رفع الإصر ٣٣٨، إنباء الغمر ٥٣٩: ١؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ١٥٧: ١٢؛ الصيرفي: نزهة النفوس والأبدان ٤٥١: ١.
(٣) المقريزي: مسودة المواعظ ١٣٤، ٤٠٠ - ٤٠١.