للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر الخلجان التي بظاهر القاهرة]

اعلم أنّ الخليج جمعه خلجان، وهو نهر صغير يختلج من نهر كبير أو من بحر، وأصل الخلج الانتزاع، خلجت الشيء من الشيء إذا انتزعته.

وبأرض مصر عدّة خلجان، منها بظاهر القاهرة: خليج مصر، وخليج فم الخور، وخليج الذّكر، والخليج النّاصريّ، وخليج قنطرة الفخر. وسترى من أخبارها ما فيه كفاية.

ذكر خليج مصر (a) (١)

هذا الخليج بظاهر مدينة فسطاط مصر، ويمرّ من غربيّ القاهرة. وهو خليج قديم احتفره بعض قدماء ملوك مصر بسبب هاجر أمّ إسماعيل بن إبراهيم خليل الرّحمن - صلوات اللّه


(a) مسودة الخطط: خليج القاهرة.
(١) خليج مصر (القاهرة). كان فم هذا الخليج يأخذ من نقطة على النيل شمال الفسطاط حيث توجد الآن قناطر مجرى العيون، متّجها إلى الشمال الشرقي مرورا بزاوية الماوردي إلى ميدان السيدة زينب، ومنه شمالا إلى ميدان باب الخلق ثم إلى ميدان باب الشعرية، ثم شمالا إلى الأراضي الزراعية حيث مجرى التّرعة الإسماعيلية، ومنها إلى قرية العبّاسة بمحافظة الشرقية ثم إلى مدينة الإسماعيلية الحالية ثم يتجه جنوبا إلى مدينة القلزم على البحر الأحمر.
ولمّا بنيت مدينة القاهرة سنة ٣٥٨ هـ/ ٩٦٩ م كان الخليج يحاذي سورها الغربي في المنطقة الواقعة بين ميدان باب الخلق جنوبا وإلى الشمال قليلا من ميدان باب الشعرية شمالا. ومع اتّساع المدينة وامتدادها جهة الشمال والغرب والجنوب، صار الخليج يخترق المدينة. وكان الماء يدخل كلّ عام عن طريق هذا الخليج في زمن الفيضان إلى البرك الداخلية والخارجية للمدينة في أعقاب احتفال يحضره الخليفة الفاطمي ثم السلطان المملوكي بفتح هذا الخليج.
وكان عرض الخليج يتراوح بين خمسة وعشرة أمتار (١٥ إلى ٣٠ قدما)، وغير مزوّد برصيف، بحيث كانت المنازل المطلّة عليه غاطسة في الماء، ولا يمكن مشاهدته إلاّ من نوافذ المنازل التي يرتطم بأسفلها الخليج، كما لا نلحظه كذلك من فوق القناطر العديدة المنتشرة عليه والتي يبلغ ارتفاع حواجزها أكثر من مترين. (جومار: وصف مدينة القاهرة ١٥٦ - ١٥٧).
وظلّ الخليج المصري باقيا إلى أن ردمت المسافة الواقعة بين ميدان السّيّدة زينب جنوبا والترعة الإسماعيلية شمالا بين سنتي ١٨٩٧ - ١٨٩٩، وحلّ محلّه شارع الخليج المصري (شارع بورسعيد الآن) ليسير فيه أوّل خطّ للترام بالقاهرة.