وبعث المقوقس رسله إلى أطراف بلاده، ممّا يلي الشّام، ألاّ يتركوا أحدا يدخل أرض مصر، مخافة أن يتحدّثوا بغلبة المسلمين على الشّام، فيدخل الرّعب في قلوب عساكره.
فلمّا قدم عمر بن الخطّاب الجابية، وصار عمرو بن العاص إلى مصر، نزل على بلبيس - وبها أرمانّوسة ابنة المقوقس - فقاتل من بها، وقتل منهم زهاء ألف فارس وأسر ثلاثة آلاف، وانهزم من بقي إلى المقوقس، وأخذت أرمانّوسة وجميع مالها، وسائر ما كان للقبط في بلبيس. فأحبّ عمرو ملاطفة المقوقس، فسيّر إليه ابنته أرمانّوسة مكرّمة في جميع مالها مع قيس بن أبي العاص السّهمي، فسرّ بقدومها، ثم سار عمرو إلى القصر (١).
ولم تزل من مدائن مصر الكبار، حتى نزل عليها مرّي [Amaury] ملك الفرنج، وأخذها عنوة بعد حصار طويل، وقتل منها آلافا.
ولها أخبار كثيرة.
وقد خربت منذ عهد الحوادث بديار مصر، بعد سنة ستّ وثمان مائة، بعدما أدركناها وبها عمارة كثيرة، وفيها عدّة بساتين، وأهلها أصحاب يسار ونعم سنيّة.
ذكر بلد الورّادة
الورّادة من جملة الجفار.
قال عبيد اللّه بن عبد اللّه بن خرداذبه في كتاب «المسالك والممالك»: وصفة الطّريق والأرض من الرّملة إلى أزدود اثنا عشر ميلا، ثم إلى غزّة عشرون ميلا، (a)) ثم إلى رفح ستّة عشر ميلا (a) ثم إلى العريش أربعة وعشرون ميلا في رمل، ثم إلى الورّادة ثمانية عشر ميلا، ثم إلى العذيب (b) عشرون ميلا، ثم إلى الفرما أربعة وعشرون ميلا.
قال الخليفة المأمون:
[الوافر]
لليلك كان بالميدا … ن أقصر منه بالفرما
غريب في قرى مصر … يقاسي الهمّ والسّدما
(a-a)) زيادة من المسالك. (b) بولاق: العريب. (١) ملخصا من الواقدي: فتوح مصر والإسكندرية ١٩ - ٣٢.