للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاث وثلاثين وثمان مائة، نقلت الأقفاص منه إلى القيساريّة التي استجدّت تجاه الصّاغة (١).

سوق باب الزّهومة

هذا السّوق عرف بذلك من أجل أنّه كان هناك في الأيّام الفاطميّة باب من أبواب القصر يقال له باب الزّهومة، تقدّم ذكره في ذكر أبواب القصر من هذا الكتاب (٢).

وكان موضع هذا السّوق في الدّولة الفاطميّة سوق الصّيارف، ويقابله سوق السّيوفيين من حيث الخشيبة إلى نحو رأس سوق الحريريين اليوم، وسوق العنبر الذي كان إذ ذاك سجنا يعرف بالمعونة (٣)، ويقابل السّيوفيين إذ ذاك سوق الزّجاجين، وينتهي إلى سوق القشّاشين الذي يعرف اليوم بالخرّاطين. فلمّا زالت الدّولة الفاطميّة تغيّر ذلك كلّه، فصار سوق السّيوفيين من جوار الصّاغة إلى درب السّلسلة، وبني فيما بين المدرسة الصّالحيّة وبين الصّاغة سوق فيه حوانيت - ممّا يلي المدرسة الصّالحيّة - يباع فيها الأمشاط بسوق الأمشاطيين، وفيه حوانيت - فيما بين الحوانيت التي يباع فيها الأمشاط وبين الصّاغة - بعضها سكن الصّيارف، وبعضها سكن النّقليين، وهم الذين يبيعون الفستق واللّوز والزّبيب ونحوه (٤).

وفي وسط هذا البناء سوق الكتبيين يحيط به سوق الأمشاطيين وسوق النّقليين،. وجميع ذلك جار في أوقاف المارستان المنصوري.

وكان سوق باب الزّهومة من أجلّ أسواق القاهرة وأفخرها، موصوفا بحسن المآكل وطيبها.

واتّفق في هذا السّوق أمر يستحسن ذكره لغرابته في زمننا. وهو أنّه عبر متولّي الحسبة بالقاهرة، في يوم السبت سادس عشر شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة، على رجل بواردي بهذا السّوق، يقال له محمد بن خلف، عنده مخزن فيه حمام وزرازير متغيّرة الرّائحة لها نحو خمسين يوما، فكشف عنها فبلغت عدّتها أربعة وثلاثين ألفا ومائة وستة وتسعين طائرا: من ذلك حمام ألف ومائة وستة وتسعون، وزرازير ثلاثة وثلاثون ألفا، كلّها متغيّرة اللّون والرّيح، فأدّبه وشهره. وفيه إلى الآن بقايا.


(١) هذا التاريخ يدلّ على أنّ المقريزي أضاف هذه المعلومة في فترة متأخّرة، وبالتالي فإنّه لا يشير إلى هذه القيساريّة في الفصل الذي عقده للقياسر.
(٢) فيما تقدم ٤٣١: ٢.
(٣) فيما تقدم ٥١٥: ٢ - ٥١٦، وفيما يلي ٣٤٠، ٥٩٧.
(٤) فيما يلي ٣٣٧.