وبعد هذا كان قتل ابن شاهنشاه على يده في سنة ثمان وخمسين وخمس مائة، ولم تكمل هذه الدّار.
دار التّمر
هذه الدّار بمدينة مصر من خارجها، فيما انحسر/ عنه ماء النّيل بعد الخمس مائة من سني الهجرة، وتعرف اليوم بصناعة التّمر، تجاه الصّاغة بخطّ سوق المعاريج، ومن جملتها بيت برهان الدّين إبراهيم الحلّي ومدرسته، وهذه الدّار وقفها القاضي عبد الرّحيم بن عليّ البيساني، على فكاك الأسرى من المسلمين ببلاد الفرنج.
قال القاضي محيي الدّين عبد اللّه بن عبد الظّاهر في كتاب «الدّرّ النّظيم في أوصاف القاضي الفاضل عبد الرّحيم»: ومن جملة مبارّه (a) دار التّمر بمصر المحروسة، ولها دخل عظيم يجمع ويشترى به الأسرى من بلاد الفرنج، وذلك مستمرّ إلى هذا الوقت. وفي كلّ وقت يحضر بالأسارى فيلبسون ويطوفون ويدعون له، وسمعتهم مرارا يقولون:«يا أللّه يا رحمن يا رحيم، ارحم القاضي الفاضل عبد الرّحيم».
وقال القاضي جمال الدّين (b) بن شيث (١): كان للقاضي الفاضل ربع عظيم يؤجّره بمبلغ كبير، فلمّا عزم على الحجّ ركب ومرّ به ووقف عليه، وقال: «اللّهم إنّك تعلم أنّ هذا
(a) بولاق: مبانيه. (b) بياض في نسخة باريس. (١) القاضي الرئيس جمال الدّين عبد الرحيم بن عليّ بن الحسين بن شيث الأموي الإسنائي القوصي، ولد بإسنا سنة ٥٤٧ هـ/ ١١٥٢ م ونشأ بقوص وولي الدّيوان بها ثم بالإسكندرية ثم بيت المقدس، وتولّى بعد ذلك كتابة الإنشاء للملك المعظّم شرف الدين عيسى بن أبي بكر بن أيوب في دمشق حيث توفي بها سنة ٦٢٥ هـ/ ١٢٢٨ م ودفن بتربته بقاسيون. كان تلميذا للقاضي الفاضل ومقرّبا من الملك المعظم عيسى، وهو مؤلّف كتاب «معالم الكتابة ومغانم الإصابة» أحد أوائل كتب الإنشاء التي ترجع إلى العصر الأيوبي. (الصفدي: الوافي بالوفيات ٣٧٩: ١٨ - ٣٨٣؛ المنذري: التكملة لوفيات النقلة ٢١٧: ٣؛ ابن شاكر: فوات الوفيات ٣١٢: ٢ - ٣١٥؛ الأدفوي: الطالع السعيد ٣٠٥ - ٣٠٨؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٤٧: ٦؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٧٠: ٦). وكتابه «معالم الكتابة» نشره الخوري قسطنطين إلياس المخلّص في بيروت سنة ١٩١٣، ثم أعاد نشره محمد حسين شمس الدين في بيروت أيضا، وصدر عن دار الكتب العلمية سنة ١٩٨٨، ولم أقف على هذا القول في نشرة «معالم الكتابة».